لقد أفحم النظام ما أنت ناظم … وأعجز أهل الفضل ما أنت قائل
أشرت بألغاز وحسن تلطف … إلى لغز فيه العيون تغازل
وصورته مولاي توكيل راهن … لمرتهن في بيع رهن يزاول
وقد شرط التوكيل في عقد رهنه … فإن مات قبل البيع لا عزل حاصل
فجد وتفضل بالقبول فإنني … لعبد فقير خامد الفكر خامل
وسامح لهذا العبد إن بضاعتي … لفي الشعر مزجاة وحظي سافل
فوابل نظمي عندك الطل قد غدا … كما أن يا مولاي طلك وابل
فلا زلت في أوج الفضائل ساميا … وفي ذروة المجد الرفيع تحاول
ولا زلت صدرا للعلوم وموردًا … فلا غروان طابت لديك المناهل
ومن ألطف شعره أيضًا قوله من قصيدة، كتب بها إلى الأديب محمد بن نجم الدين الهلالي الصالحي الآتي ذكره، إن شاء الله تعالى، ومطلعها:
وقفت على ربع الحبيب أسائله … ودمعي بالمكتوم قد باح سائله
وقلت له منى إليك تحية … أما هذه أوطانه ومنازله
أما ماس في روضاتها بان قده … ومالت لدى مر النسيم شمايله
فما لك قد أصبحت قفرا وطوفت … طوائح دهري فيك ثم زلازله
فقال سرى عني الحبيب وفاتني … سنا برق شمس الدين ثم هواطله
وله غير ذلك، وكانت ولادته في سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة، وتوفي عند غروب الشمس من يوم الثلاثاء، رابع عشري شوال سنة خمس بعد الألف، ودفن بمكان صغير به محراب قديم على الطريق الآخذ إلى السويقة المحروقة غربي تربة باب الصغير.
قال النجم: وكان سبب مرضه أن شيخنا القاضي محب الدين كان يتأدب معه، ويعظمه لسنه، وجريًا على عادته في التأدب مع أهل "دمشق"، وإكرام كل منهم على حسب ما يليق به، فكان شيخنا إذا اجتمع هو والشمس يقدمه في المجلس، فلما انتصر لنا شيخنا بسبب تعنت الشمس وقع