ذكره العلامة المرادي في كتابه "سلك الدرر"، وقال: هو علامة العصر، الفائق على أقرانه من كبير وصغير، وله الفضل الباهر، وكان في الأدب الفرد الكامل، له الشعر الحسن مع البداهة في ذلك وسرعة نظمه وذكاؤه، يشق دياجر المشكلات. ولد بالمغرب الأقصى، وحفظ القرآن على طريق الإمام الداني، وهو ابن ثمان سنين، ثم اشتغل في حفظ المتون على والده.
وكان والده متوسطًا في العلم بين أماجده، وقرأ عليه "الآجرومية"، وعلى الشيخ محمد السعدي الجزائري السنوسية، و"منظومة" في العبادات مختصرة في المسائل الفقهية، ودرس السنوسية للطلاب قبل أوان الاحتلام، ورحل من بلاده في البر إلى "طرابلس الغرب"، وما وجبت عليه صلاة ولا صيام، ومن "طرابلس" ركب البحر إلى الجامع الأزهر، فطلب العلم بـ "مصر" سنتين وثمانية أشهر، وأخذ عن شيوخه الآتي ذكرهم.
ثم سافر لزيارة والدته في البحر، فأسره الفرنج، وذهبوا به إلى "مالطة" مركز الكفر، ثم نجاه الله تعالى بعد سنتين وأيام، وناظرته رهبان النصارى مناظرة واسعة، وكان فيهم راهب، له دراية بالمسائل المنطقية والعربية، ويزعم أن همته بارعة، وكانت مدة المناظرة نحو ثمانية أيام، فأخرسهم الله، وأكبتهم، ووقعوا في حيص بيص، وألجموا بلجام الإلزام.
فمن جملة مناظرتهم معه في ألوهية عيسى: أن قال كبيرهم يا محمدي: إن حقيقة عيسى امتزجت مع حقيقة الإله، فصارتا حقيقة واحدة، قال: فقلت له: لا يخلو الأمر فيهما قبل امتزاجهما، إما أن تكون قديمتين أو
= وإيضاح المكنون ١: ٢٣١، ٢٥٧، ٤٤١، ٤٩٤، ٢: ٢٥٧، ٥٧٩، ٧٢٩، وفهرس دار الكتب المصرية ٨: ٨٧ (م) والثقافة بالقاهرة ٥: ٧١ - ٧٣.