حادثتين، أو إحداهما قديمة والأخرى حادثة، وكل الاحتمالات باطلة، فالامتزاج على كل الاحتمالات باطل.
أما على الأول فإن الامتزاج مفض للحدوث قطعًا، لأنه تركيب بعد إفراد، وكل تركيب كذلك لا محالة حادث، والحادث لا يصلح للألوهية.
وأما الثاني فظاهر البطلان، وأما الثالث بوجهيه فباطل أيضًا، لأن القديمة منهما بعد الامتزاج يلزم حدوثها، والحادثة منهما بعده يلزم قدمها، فيؤدى إلى قلب الحقائق، وقلبها محال، ويلزم أيضًا اجتماع الضدّين، وهو باطل باتفاق العقول.
ولما سقط في أيديهم، ورأوا أنهم قد ضلّوا في هذا الطريق، قال لي كبيرهم: عقولنا لا تصل لهذا الأمر الدقيق، فقلت له هذا عندنا من علوم أهل البداية، لا من علوم أهل النهاية، فبهت الذي كفر، وعبس، واكفهر.
ثم قلت لكبيرهم: بالله عليك أعيسى كان يعبد الصليب، قال لا: وإنما ظهر الصليب بعد قتله على زعمهم، ونحن نعبد شبيه الإله، فقلت له: بالله عليك الله شبيه، قال لا، فقلت له: يجب عليكم حرق هذه الصلبان بالزفت والقطران، فاستشاط غيظًا، وقال لي كنت: أوقعك في المهالك، وأجعلك عبرة، لكن الله أمرنا بحب الأعداء، فقلت له: لكن الله أمرنا ببغض الأعداء، فقال لي: إذًا شريعتنا كاملة، فقلت له على طريقة الاستهزاء شريعتكم كاملة، لأنها تعبد الأصنام والصلبان، وشريعتنا ناقصة، لأنها تعبد الله وحده، لا شريك له، فاشتد غضبه، حتى كاد أن يبطش بي، ولكن الله سلم لمزيد اللطف بي.
ثم إن كبيرهم قال لي: يا محمدي إني رأيت في كتبكم الحديثية أن نبيكم انشق له القمر نصفين، فدخل نصفه من كم، ونصفه من الكم الآخر،