للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وخرج تامًا من جيب صدره ومساحة البدر مثل الدنيا ثلاث مرات وثلث، وهي ثلاثمائة وثلاث وثلاثون سنة، وثلث، فما هذه الخرافات؟ فقلت له: أما ورد أن إبليس جاء لسيدنا إدريس، وهو يخيط بالإبرة، وبيده قشرة بيضة، وقال له: أيقدر ربك أن يجعل الدنيا في قشرة هذه البيضة، فقال لي: نعم ورد ذلك، فقلت له: كيف يقدر؟ فقال: إما أن يكبر القشرة، أو يصغر الدنيا، فقلت له: سبحان الله، تحلونه عامًا، وتحرمونه عامًا، وإذا سلمت هذا فلم لا تسلمه لنبينا، فغص بريقه، واصفرّ، وعبس وتولى، فقتل كيف قدر، وهذا الجواب مني من باب إرخاء العنان للإلزام، وإلا فدخول نصفي البدر في الكمين باطل، عند جميع المحدثين الأعلام، لكن كبيرهم لا يعرف اصطلاح علمائنا ذوي المقام العالي، فلو أجبته ببطلانه لقال لي: رأيته في كتبكم فلا يصغي لمقالي، فلذلك دافعته بالبرهان القطعي العقلي، لأنه لا يمتثل بعد ما رآه للدليل النقلي.

ثم إن كبيرهم في ميدان البحث أنكر نبوة نبينا السيّد الكامل، وقال: إنه عندنا ملك عادل، فقلت له ما المانع من نبوته؟ فقال: نحن لا نقول بها، وإنما نقول بشدّة صولته، فقلت له: أليس النبي الذي أتى بالمعجزات، وأخبر بالمغيبات، فقال كبيرهم: أي معجزة أتى بها، وأي مغيبات أخبر بها؟ فسردت له بعض المعجزات، وأعظمها القرآن، وذكرت له بعض المغيبات، فقال لي: رأيت البخاري من علمائكم ذكر بعضها، ثم قال لي: إنما علمه ذلك الغلام، يشير لقوله تعالى: {إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ}، فقلت له: بالله عليك لسان ذلك الغلام ماذا؟ قال: أعجمي، فقلت له: بالله عليك لسان بيننا ماذا؟ قال: عربي، قلت له: بالله عليك نبينا يقرأ، ويكتب أم أمي؟ قال أمي، لا يقرأ ولا يكتب، فقلت له: بالله عليك هل سمعت عربيًا يتعلم من عجمي، قال: لا، فأفحم في الجواب، وانقطع عن الخطاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>