المهابة والفتوة، ذكره الخفاجي في "الخبايا"، فقال في وصفه: نجم طلع من أفق المكارم زائد الارتقاع، ونزل منازل سعد رقى فيها عن قوس الشرف بأطول ذراع، يقطع أوقاته في طلب الفضائل والكمال، ولا ينزه طرفه في غير سماء خلال أو رياض جمال، فلو كان العلم بالثريا لناله، أو بالعيوق لطاله، ثم أورد له أبياتًا، كتبها إلى النجم، فيها سؤال نحوي، والأبيات هي هذه:
أنجما أضاءت سماء الرتب … به وتسامت فخارًا حلب
أخا لي واسمي أخ لاسمه … وكم من إخاء يفوق النسب
أين كلمة قبل مبنية … بغير اختلاف لهم أو شغب
وإن نعتت كان إعرابها … بإعراب ناعتها ما السبب
فمتبوعها لم يزل تابعا … على عكس ما في لسان العرب
قدم نجم سعد برأس العلا … وطالع أعدائه في الذنب
فأجابه النجم أيضًا بقوله:
أمولاي منشى لسان العرب … وقاضي دوادين أهل الأدب
ومن فضله شاع في الكائنات … ونال به ساميات الرتب
سبقت الألى في نظام القريض … وفي كل علم بلغت الإرب
وجادت أكفك بالنائلات … وفاضت بها غاديات النشب
لعمرى لقد فقت كل الأنام … بذوق حلا وبفهم ثقب
كأن المسائل قطر الندا … وفكرك كالسحب منها انسكب
وقد كنت أسمع أوصافكم … فلما تبدت رأيت العجب
وقد كنت في تعب للعلوم … فلما رأيتك زال التعب
وقد شرفت بك كل البلاد … وضاق بفضلك نادي حلب
بعثت لعبدك در النظام … وصغت له أنجما من ذهب