سكرت بخمر معان صفت … به نقط الخط مثل الحبب
تضمن لغزا ينادي بيا … شهاب بن شمس حويت الطلب
فلا زلت تنظم نثر اللآل … وتنثر من دره المنتخب
ولا زلت أنشد فيه المديح … وأطوى الزمان به والحقب
وأثنى عليه بآلائه … وأقرب منه نأي أو قرب
وأذهب من نور آدابه … ظلام الدياجي وظلم النوب
مدى الدهر ما أنقض نجم وما … شهاب سما في سماء الرتب
وترجمه تلميذه البديعي، فقال في وصفه: إمام الفضلاء، الذي به يقتدون، وبأنواره من حنادس الشبه يهتدون، عالم جدد رسوم البلاغة بعد أن نسجت عليها العناكب، وأحيا ربوعها بعد أن قامت عليها النوادب، وافتتح بصوارم أفكاره مقفلات صياصيها، واستخرج خرائدها الممنعة بمعاقلها، واسترق نواصيها حسن سيرته، وطهر سريرته، وقد زها بخطابته الجامع الأكبر:
لو أن مشتاقًا تكلف فوق ما … في وسعه لسعى إليه المنبر
وقد نسجت أفكار شعراء العصر وشائع مفاخره، وخلدت في دواوينها ظرائف مآثره، ولم تزل حضرته الشريفة كعبة الجود، وسدته المنيفة قبلة الوفود مع سماحة شيم وفصاحة كلم ورجاحة كرم، وقد أصاب شاكلة الصواب، وأتى بفصل الخطاب من قال في مدحه:
لقد بت في الشهباء ما بين معشر … تهاب الليالي أن تروع لهم جارا
مقاديرهم بين الأنام شريفة … ولكن نجم الدين أشرف مقدارا
ترى البشر يبدو ومن أسارير وجهه … فلو جئته ليلا لاهداك أنوارا
ثم أنشد له من شعره قوله من قصيدة:
أترى الزمان يعيد لي إيناسي … ويرق لي ذاك الحبيب القاسي