للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

درهمًا، وَكانَ يتَقَدَّمِ الْمولى ابْن الْخَطِيب عَلَيْهِ، فَلَمَّا مرَّ بالديوان، والوزراء جالسون فِيهِ، سلّم الْمولى ابْن أفضل الدّين عَلَيْهِم، فَضرب الْمولى ابْن الْخَطِيب بِظهْر يَده على صَدره، وَقَالَ: هتكت عرض الْعلم، وسلمت عَلَيْهِم أنت مخدوم، وهم خدّام سِيمَا، وأنت رجل شرِيف قال: ثمَّ دخل على السُّلْطَان، وَنحن مَعَه، وَالسُّلْطَان استقبله، قالَ الأستاذ: عددت بأصبعي، فَكَانَ سبع خطوَات، فَسلّم عَلَيْهِ، وَمَا انحنى لَهُ، وَصَافحهُ، وَلم يقبل يَده.

وَقَالَ للسُّلْطَان بَارك الله لَك في هذه الأيام الشَّرِيفَة، ثمَّ ذكرنَا عِنْده، وَقَبلنَا يَد السُّلْطَان، وأوصانا السُّلْطَان بالاشتغال بِالْعلم، ثمَّ سلّم، وَرجع، ورجعنا مَعَه، وَقُلْنَا لَهُ: هَذَا سُلْطَان الرّوم، واللائق أن تنحني لَهُ، وَتقبّل يَده، قَالَ: أنتم لَا تعرفُون، يَكْفِيهِ فخرا أن يذهب إليه عَالم مثل ابْن الْخَطِيب، وَهُوَ رَاض بِهَذا الْقدر، هَذَا مَا حَكَاهُ الأستاذ من تكبره على الوزراء والسلاطين.

ثمَّ إن السُّلْطَان بايزيد خَان جمعه مَعَ الْمولى عَلَاء الدِّين الْعَرَبِيّ وَسَائِر الْعُلَمَاء، وَجرى بَينهمَا، مباحثة، وانْتهى الْبَحْث إلى كَلَام، أنكر السُّلْطَان عَلَيْهِ لذَلِك كلّ الإنكار، وتكدّر عَلَيْهِ تكدّرا عَظِيما، وفطن لذَلِك الْمولى ابْن الخطِيب، فصنّف رِسَالَة فِي بحث الرُّؤْيَة وَالْكلَام، وحقّق فِي بحث الْكَلَام مَا ادَّعاهُ، وَذكر فِي خطبتها اسْم السُّلْطَان بايزيد خَان، وأرسلها بيد الْوَزير إبراهيم باشا، فَلَمَّا عرضهَا على السُّلْطَان، قَالَ: مَا أكْتفى بِذْكر ذَلِكَ الْكَلَام الْقَبِيح الْبَاطِل بِاللِّسانِ، وَكتبه فِي الأوراق، اضْرِب برسالته وَجهه، وَقل له: إنه يخرج الْبَتَّةَ من مملكتي، فتحير الْوَزير، وكتم هَذَا الْكَلَام من الْمولى ابْن الْخَطِيب، وَمَعَ ذَلِكَ يَرْجُو ابْن الْخَطِيب جَائِزَة من قبل السُّلْطَان، وتألم من تآخرها، وَقَالَ للوزير اسْتَأْذن السُّلْطَان

<<  <  ج: ص:  >  >>