قال الإمام الكوثري رحمه الله تعالى: كان آية في الذكاء وحسن الإلقاء، ولم أر مثله في ذلك، فيمن أدركت من أهل طبقته، كانت له يد بيضاء في علوم القراءة والأدب العربي، وكان بارعا في الأصلين والمنطق والحكمة والفقه.
تخرّج في العلوم على أحمد شاكر الكبير، وهو عمدته فيها، وأجازه السيّد علاء الدين بن السيّد محمد أمين بن عمر عابدين، المتوفى سنة ١٣٠٦ هـ، حينما ورد العاصمة، وأسانيده عن أبيه معروفة.
وكان الأستاذ الأكيني رحمه الله من أجلّ أصحاب أحمد شاكر الكبير، حتى إني سمعت شيخنا الألصوني يقول: حينما زرناه مع جماعة من الإخوان لتبليغ وصية أستاذنا الأكيني في إتمام دروسنا من حيث انتهى هو:
"إن كنتم تظنّون بي أني أستطيع أن أقوم بما كان الأخ المرحوم يقوم به، فأنتم غالطون حقا، لأنه رحمه الله كان شمس علم، وشعلة ذكاء، لا يعلم متى يكون طلوع مثله، وكان فذّا وحيدا في مجلس شيخنا الكبير، فلا يكون جلوسي على كرسيّه إلا لإنفاذ وصيته بالقدر المستطاع.
وكان المرحوم يمازحني، وأمازحه في عهد تحصيل العلم، حيث كان يأبى إصلاح الأخطاء المطبعيّة في الكتب، فضلا عن ضبط تقارير الأستاذ وتعليقها على الهوامش، قائلا: إن من لا يهتدي إلى الصواب بمجرّد النظر في الكتاب، فلا خير في فهمه، ولا فائدة في تعليقه، غير تسويد بياض الكتاب، وأنا كنت أرى ضدّ هذا الرأي.
وكان رحمه الله سبقني في تدريس أصول الفقه، ولما أتى دور إقرائي لأصول الفقه، استعرتُ نسخته من "حاشية الطرسوسي" على "مرآة الأصول"، فوجدتها مكتظّة الأطراف بتعليقات منه، فمازحتُه قائلا: أراك سوّدتَ بياض الكتاب تسويدا هائلا، على خلاف رأيك القديم؟ فقال: