"حاشية الطرسوسي على مرآة الأصول"، و"حاشية السيالكوتي على التصورات" في حاجة إلى ذلك، ولا يزال كتابه الممتع عندي.
وهذه هي منزلة الأستاذ الأكيني عند أستاذنا الألصوني. وكان لأحمد شاكر الكبير شهرة خاصّة في إتقان علم أصول الفقه، فحضر من "مصر" إلي "الآستانة" الأخوان العالمان: الشيخ موسى الحرّاتي، والشيخ عبد الله الحرّاتي، ليتلقّيا علم أصول الفقه من الشيخ أحمد شاكر الكبير، وهو يقريء الطبقة الثالثة من طلبته.
فزاراه، وقالا له: سبب حضورهما إلى العاصمة، فقال لهما الأستاذ الكبير: إني كبرتُ، ولم أعد الآن أستطيع وفاء الدرس حقّه من التمحيص، فإن كنتما تريدان تلقّى هذا العلم، كما يجبُ، فاحضرا عند الأكيني، فإنه يفي الدرس حقّه، فحضرا عنده، وهذه شهادة عظيمة له من أستاذ عظيم.
وكان المشايخ على مسلكين في إلقاء الدرس، منهم: من يعني في مفتتح الدرس ببيان الصلة بين السابق واللاحق، ثم تلخيص ما سيلقى في اليوم، لتستقرّ أولا صفوة الصفوة من بحوث اليوم في ذهن الطالب، في نحو نصف ساعة، بحيث يزيل جميع الشبه المثارة في الحواشي، ثم إلقاء عبارة الكتاب سردا من غير توقّف ولا مماحكة، ومنهم: من يؤخّر هذا التلخيص إلى آخر الدرس، فالأول في غاية الصعوبة في دروس، تشعبت فيها الأنظار، والثاني أيسر من ذلك بكثير.
وكان مولانا أبرع من يقوم بالطريقة الأولى، فيقوم من درسه الذكي والغبي، وها يظنان بأنفسهما أنهما فهما الدرس، كما يجبُ، فإذا طالع الطالب من الليل جهده الدرس الذي سيلقيه مثل هذا الأستاذ، ثم حضر عنده، وألقى السمع إلى بيانه في مفتتح الدرس، ينحلّ جميع الإشكالات