المثارة في الحواشي لديه، فيزادد كلّ يوم نورا إلى نور، على خلاف من كان ديدنه سرد ما في الحواشى من الوجوه المتهافتة.
وقد تخرّج لدى شيخنا الأكيني نحو مائتي عالم في الطبقة الأولى، وكنا نلازمه مع الطبقة الثانية في عدد لا يقل عن ذلك العدد، إلى أن مرض في شعبان، واستمرّ مريضا إلى أن مات يوم السبت السابع والعشرين من شوال سنة ١٣١٨ هـ، عن ٥٧ سنة، ودفن جنوبي قبر شيخه بنحو ستة قبور، بعد أن صلّى على هذا الرجل العظيم جمع عظيم، يزيد على عشرات الألوف.
وحيث اصطفت عليه الصفوف، في ساحة مصلّى الفاتح، ما بين باك ونائح، أخذت النفس بالشقات، والعين بالمدامع، لكن الأمر واقع، ما له من دافع، وقد بكت السماء عليه بهواطل الأمطار، وأظلم الكون متلبّسا بلباس الأكدار، وحضر الصلاة عليه رحمه الله.
وكان يقول لمن يعوده في مرضه من الإخوان: أوصيكم بإكمال العلوم عند الأستاذ الألصوني، وقد أجزتكم جميعا بما لي من الروايات.
وهو عمدتي ويميني في العلوم، كما أن الأستاذ الألصوني قدوتي ومساعدي، وشيخي وملاذي، وبهما تم بتوفيق الله سبحانه تخرّجي في العلوم، من صرف، ونحو، وبلاغة، وأدب، وفقه، وأصول، وتوحيد، ومصطلح، وتفسير، وحديث، ومنطق، وآداب، وحكمة، إلى غير ذلك من العلوم الجاري تدريسها في العاصمة في ذلك العهد، وفي سرد ما تلقّيتُ منهما من الكتب طول.
وأما من سواهما من المشايخ فإنما تلقّيت منهم كتبا خاصّة، نفعنا الله بعلومهم، وجمعنا يوم الدين تحت لواء سيّد المرسلين.