الدهلوي، الحكيم الحاذق، المشهور بحاذق الملك، أحد الأذكياء الماهرين في الصناعة الطبّية *.
وُلِدَ بدار الملك "دهلي" سنة أربع وثمانين ومائتين بعد الألف، وحفظ القرآن، وقرأ العلم على صدّيق أحمد عبد الحق الكمتهلوي المفسّر، والمولوي عبد الرشيد الرامبوري، ومرزا عبيد الله بيكت، وغيرهم من العلماء.
وقرأ الكتب الطبّية بعضها على والده، وأكثرها على صِنْوه الكبير عبد المجيد خان، ولازمهما مدّة طويلة، واشتغل بالتدريس في المدرسة التي أسّسها صِنْوه عبد المجيد بـ "دهلي" سنة ١٠٣٩ هـ، فدرّس بها زمانا، ثم استقدمه نواب حامد علي خان، صاحب "رامبور" إلى بلدته، وجعله رئيسَ الأطبّاء، فأقام بها مدّة، ثم رجع إلى "دهلي"، وقام مقامَ أخيه في التدريس والمداواة، وأسّس مدرسة لتعليم القابلات، وأسّس مارستانا مختصّا للنساء، وأسّس مؤتمرا خصوصيّا للأمور الطبّية، وهو اليوم مشتغل بأن يرقّي المدرسة الطبّية المذكورة إلى أعلى مدارج الكمال، وحصّل لها أرضا خارج البلدة، وبنى بها بناء شامخا للمدرسة، وسافر إلى "العراق"، وزار "بغداد" والمشاهد حوالي سنة ١٣٢٣ هـ، وسافر إلى بلاد الغرب سنة ١٣٢٨ هـ، فرأى بها المدارس، والمارستانات.
وله شهرة عظيمة في بلاد "الهند"، لقّبتْه الدولة البريطانية بـ "حاذق الملك" سنة ١٣٢٥ هـ (اعترافا بخدماته الطبّية، وعلوّ المنزلة في أهل "الهند"، ولما نشبت الحرب العالميّة الأولى، وظهرتْ معاداة الحلفاء للدولة العثمانية، وتآمرها على مملكتها وبلادها، وكان للدولة البريطانية النصيب الأوفر في هذه المعاداة، هاج المسلمون في "الهند"، وأبدوا سخطهم واستنكارهم، وكان الشيخ أجمل المترجم له من زعماء هؤلاء المسلمين، فردّ الوسامات التي نالها من الحكومة الإنجليزية، ولقب "حاذق الملك" الذي منحتْه، علامة للاستنكار،