والده، وشاركه في الغزوات، وفتح الفتوحات العظيمة، فولّاه والده على "نيسابور"، ولقّبه الأمير نوح بن منصور الساماني بـ"سيف الدولة".
وكان بـ"نيسابور" إذ مات والده سنة سبع وثمانين وثلاثمائة، فقام بالأمر بعده ولده إسماعيل بوصية من أبيه، واجتمعت عليه الكلمة، وغمرهم بإنفاق الأموال فيهم.
فلما بلغ محمودا نعي أبيه كتب إلى إسماعيل، ولاطفَه في القول، وقال له: إن أبي لم يستخلفك دوني، إلا لكونك كنت عنده، وأنا كنت بعيدا عنه، ولو أوقف الأمر على حضوري لفاتت مقاصده. ومن المصلحة أن نتقاسم الأموال بالميراث، فتكون أنت مكانك بـ"غزنة"، وأنا بـ"خراسان"، وندبّر الأمور، ونتفق على المصالح، فلا يطمع فينا عدوّ، فأبى إسماعيل موافقته على ذلك، فخرج محمود إلى "هرات"، وجدده مكاتبة أخيه، وهو لا يزداد إلا اعتياصا، فقصده بـ"غزنة"، ونازلها في جيش عظيم، وحاصرها، واشتدّ القتال عليها، ففتحها، ونزل إسماعيل في حكم أمانه، وتسلم منه مفاتيح الخزائن، ورتّب في "غزنة" النواب والأكفاء، وانحدر إلى "بلخ".
وكان في بعض بلاد "خراسان" نواب لصاحب "ما وراء النهر" من ملوك بنى سامان، فجرت بين محمود وبينهم حروب، انتصر فيها عليهم، وملك بلاد "خراسان"، وانقطعت الدولة السامانية منها سنة تسع وثمانين وثلاثمائة، واستتب له الملك، وسير له الإمام القادر بالله خلعة السلطنة، ولقبه بـ"أمين الملة" وبـ"يمين الدولة"، وسار إلى "سجستان"، وصاحبها خلف بن أحمد، سير ولده طاهرا إلى "قهستان"، فملكها.
ثم إلى "بوشنج"، فملكها، فسار نحو خلف بن أحمد، فتحصن بحصن "اصبهند"، فضيق عليه، فخضع خلف، وبذل أموالا جليلة لينفس عن خناقه، فأجابه محمود إلى ذلك.