كاملًا، ورعًا زاهدًا، مع إتقان اللغات الثلاث: العربية، والفارسية، والتركية، معمرًا نورانيًّا جامعًا للمذاهب، جليل المناقب، متضلعًا من العلوم، مظهر التوفيق والكرامات، حتى كان يحفظ أكثر من عشرة آلاف حديث مع أسانيدها، وحفظ روايتها، ودائمًا رأسه مكشوف، غارقًا في بحر عشق مولاه، حامدًا لما أناله وأولاه.
ولد في سنة خمسين وألف، وكان والده، نقيب الأشراف في بلدة "سمرقند"، فلما بلغ المترجم من سن ثلاث سنين حصلت له نازلة على قدميه وساقيه عطلتها، وبقي مقعدًا بسبب ذلك.
ثم نشأ مجتهدًا في اكتساب العلوم والكمالات، ثم قرأ العلوم العربية والفنون العلمية، ثم حصلت له النفحة الربانية والمنحة الصمدانية، فأقبل على طاعة ربه، واجتهد معرضًا عن شهوات الدنيا، مقبلًا على الأخرى، فهاجر إلى بلاد "الهند"، وأخذ هناك الطريقة النقشبندية، وغيرها عن الأستاذ الكبير، مهبط الأسرار الإلهية، ومورد المعارف الربانية الشيخ محمد معصوم الفاروقي، المنسوب إلى الإمام عمر الفاروق، رضي الله عنه، فلازمه، وتلمذ له، وأخذ عنه، وأقام عنده أيامًا، أمره بالتوجّه لإرشاد العموم.
وكان الجد المترجم سبقت جذبته الإلهية على سلوكه، وهو أخذها عن والده الأستاذ أحمد الفاروقي، الملقّب بالمجدّد، وهو عن الإمام محمد الباقر إلى آخر السلسلة العلية، وأشرقت منه شموس الإرشاد، وبزغت من مطالعه نجوم الهداية، والعلوم في البوادي والبلاد، وكان فيه المراد.
ثم بعد مدة قدم إلى الديار الحجازية قاصدًا حج بيت الله الحرام، وزيارة سيّد الأنام محمد، صلى الله عليه وسلم، ثم استقام مجاورًا ثلاث سنين، وبعدها توجّه نحو "بغداد"، ومنها قصد التوجّه إلى "بخارى"، ومنها إلى