طفيف على أمر منهم، ووقف لذلك مدّة حياته، وبذل من مساعيه ومجهوداته ونشاطاته في اتجاه توسعتها وتقدمها ورواجها وتجميل تنظيمها وتكثير الكتب في خزينتها بكل جدّ وشوق ونشاط، وفي عهده انتقلت المكتبة من عباسية هال -القاعة العبّاسية-، وهي من أقدم البنايات في ندوة العلماء إلى بناية ذي ثلاثة طوابق شامخة فسيحة الجنبات واسعة الأرجاء، إنما هي بنيت لذلك، وسمّيت بالعلامة شبلي النعماني.
كما قد عني بتجليد الكتب وتنظيفها وتحفيظها بعناية تامة، وكانت الكتب أحبّ لديه من ممتلكاته الشخصية، ويطلب ممن لا يسلمونها إليه في أقرب الزمن، مهما كان من الرجال الكبار، فيضيق ذلك على قلب بعضهم إلى ذلك يحبّ أن يستفيد الناس منها أكثر ما يمكن، ويساعدهم من الطلاب والأساتذة والفضلاء بكلّ مساعدة ومعونة، وهو إن لم يكن مصنّفا ومحقّقا لكن أعان بإعانة علمية غالية في إعداد آلاف من المقالات والرسائل والمؤلّفات التحقيقية.
قد انتفع بجوّ مظاهر العلوم العلمي والروحاني حقّ الانتفاع، وحظي بالمثول لدى أساتذته لأجل ما تملك نفسه من الكفاءة العلمية والسعادة والإطاعة وفرط الاشتياق والرغبة في خدمتهم، وهو لم يكن من كبار المؤلّفين والباحثين، ولا من أبرز الخطباء والمدرّسين والمشايخ الصالحين، ولكنه رجلا جليلا كبيرا حتما، ومن الأسف أن الإنسانية تندر وتنعدم يوما فيوما في هذا الحشد الكبير من الأناسي، الذي هم النموذج الأمثل في الأخلاق الإنسانية والإسلامية، ولكن هذا الجنس النادر قد حظي به الشيخ، ونال قسما كبيرا منه.
كان عارفا كبيرا بالتقدير والإحسان لكل من أساتذته ومشايخه وجامعة مظاهر العلوم، وظلّ على الإخلاص والحبّ والوفاء طول حياته، وازدادت يوميا صبغة دينية صبغته بها الأجواء الروحانية، التي سادت مظاهر