للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولد بـ "دمشق"، وبها نشأ، وقرأ على أشياخ عصره، وبرع، وتنبَّل، وأشرق بدره المنير، وبزغت شمس معارفه وعوارفه، وكان مفرط الذكاء والفطنة، له جسارة في التكلم والمصادرة مع مهارة في اللغة الفارسية والتركية، وناهيك بالعربية، غير أن علمه كان أكثر من ديانته والسوداء تمكنت فيه لأجل ذلك تظهر في تكلماته ظواهره وخوافيه، وارتحل إلى دار الخلافة في "الروم" "قسطنطينية"، وتصدى للامتحان عند شيخ الإسلام، إذ ذاك مفتي الدولة السيّد مصطفى، ولازمه على قاعدة المدرسين والموالي الرومية، وتنقل بالمدارس على طريقتهم، ودرس في مدرسة والد المذكور شيخ الإسلام المولى السيّد فيض الله الشهيد، وأقرأ في جامع السلطان محمد، وفي غيره، ولزمه الطلاب، واشتهر فضله بين أبناء "الروم"، وأخبرت أنه كان يحضر درسه، ويجتمع فيه ما ينوف عن المائتين من الرجال، وعظم قدره لدى صدور الدولة وعلمائها، وكانوا يبجلونه، وله عندهم مزيد الرفعة لتحقيقه وتدقيقه، وفضله الذي على مثله الخناصر تعقد، وكان مع ذلك يذمهم، ويتكلم في حقهم، ولا يهاب كبيرهم ولا صغيرهم، وعلمه ساتر منه كل عيب، وتكرّر عوده إلى "دمشق" في أثناء إقامته هناك، وآخرًا توفي في تلك الديار، وحين توفي كان منفصلًا عن رتبة الالتمشلي المتعارفة بينهم، وكان رحمه الله إذا تكلم أسكت، وإذا حاور بكت لم يزل يبدي إلى منزع تعريض واستطالة في طويل وعريض، وكان يأكل البرش، ويبتلى به في سائر أوقاته، ولما كانت العادة في دار السلطنة "قسطنطينية" في شهر رمضان، يدخلون في كل يوم من المدرسين العلماء جملة أنفار لأجل الإقراء في حضرة السلطان للسرايا السلطانية كان المترجم من مشاهير أفاضل المدرسين، فأدخل مع البقية، فلما كانوا في حضرة السلطان مصطفى خان قرر المترجم، وأبدى الإفادة، ثم تخلص من ذلك، وشكا حال أخيه عبد الكريم السفرجلاني، وكان في ذلك الوقت محبوسًا في دار السلطنة غب قتل والي "دمشق"، وأمر الحاج أسعد باشا العظم، ونسب في ذلك لبعض أشياء هو

<<  <  ج: ص:  >  >>