للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: فأومأ إليه بالجلوس عنده، فأوسعتُ له، حتى جلس إلى جنبه، وأخذ أبي يحادثه، فلمّا جاء إلى قصيدة، ذكر الطبري منها أبياتًا، قال أبي: هاتها يا أبا جعفر إلى آخرها.

فيتلعثم الطبري، فينشدها أبي إلى آخرها.

وكلّما ذكر أشياء من السير، قال أبي: كان هذا في قصّة فلان، ويوم بني فلان، مر يا أبا جعفر فيه.

فربما مرّ، وربما تلعثم، فيمرّ أبي في جميعه.

قال: فما سكت أبي يومه ذلك إلى الظهر، وبان للحاضرين تقصير الطبري عنه، ثم قمنا، فقال لي أبي: الآن شفيتُ صدري.

وعن أبي بكر بن الأنباري، أنه كان يقول: ما رأيتُ صاحب طيلسان أنحى من القاضي أبي جعفر بن البهلول.

وكانتْ وفاته في شهر ربيع الآخر، من سنة ثمان عشرة وثلاثمائة، بعد أن أريد إلى العود إلى منصب القضاء فامتنع، وقال: أحبّ أن يكون بين الصرف والقبر فرجة.

قيل له: فابذل شيئًا، حتى يرد العمل إلى ابنك.

فقال: ما كنت لأتحمّلها حيًا وميتًا.

وقال في ذلك:

تركْتُ القضاء لأهلِ القضاء … وأقْبلْتُ أَسمُو إلى الآخِرَهْ

فإنْ يَكُ فَخرًا جَلِيلَ الثناءَ … فقدْ نِلتُ منهُ يَدًا فاخِرهْ

وَإنْ يَكُ وِزْرًا فأبعدْ به … فَلَا خَيرَ في إمْرَة وَازِرَهْ

وقال أيضًا:

أَبَعْدَ الثَّمانينَ أفْنَيْتَهَا … وَخمسًا وَسَادِسُهَا قدْ نما

<<  <  ج: ص:  >  >>