للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن نثره الفائق ملغزًا، وكتب به إلى بعض الأفاضل: يا صور الكمال، ويا غرر الجمال، ويا طوالع الإقبال، ويا أصحاب مقال أصفى من الزلال، وأحلى من السلسال، وأبهى من اللآل، وأمضى من النصال، وأسرى من الخيال ما قولكم فيما فيه يقال: إن مشى فهو بشر، وإن شئت قلت: فهو بشار، وإن طال فهي حية تسعى، وإن قصر فهو عقرب تلسع، وإن رضع بكى، وإن فطم قعد عن البكا، وله أحوال وأطوار منها أنه رفيع مقام من الأعيان الأعلام إن مدّ مدده، فالبحر المحيط من رشحاته، وإن أطال يده، فالكوكب الدري من ملتقطاته، ومن كان في خدمته، وقام في رسم خدمته، فاز بالقدح المعلى، وحاز قصب السبق في مضمار العلا، وله كلام دري النظام مطابق للمقام، وهو:

كن في المعالي إذا خيرت رفعتنا … كالرمح يصعد أنبوبًا فأنبوبا

وله غرة كوجه القمر، وطلعة كعين اليقين، وجبهة كواسطة العقد، وبلغ فيما بلغ، حتى بلغ غاية الكرم، وأقصى الهمم، ونهاية العظم، وقصارى الشيم، فمن قائل: إنه أبو المسك كافور وأخوه سيف الدولة، ومن يدعي أنه من بني العباس وأخوه السفاح، ومن معتقد أنه ذو القرنين خاض الظلمات، وشرب ماء الحيات وبنى السد الذي لو أبصرته لرأيت سدًا من حديد سائر فوق الفرات، مع أنه عبد رق ما رق يومًا لعتق

يسعى لخدمة مولى بذل طاعته … سعيًا على الرأس لا سعيًا على القدم

ومن أحواله: أنه بليغ إن شاء إن مد أطناب الأطناب رد المسن إلى اقتبال الشباب، وهو للصاحب صاحب، وللعماد عماد، وله الصابي صابي، ولقد أصاب مع أنه مغرى بضعف التأليف والتعقيد، وممنوع بسقطات ما عليها من مزيد إن سكت ألفًا نطق خلفًا، وإن أعطى مقولًا حرم معقولًا، فهو كصرير باب أو طنين ذباب، ومن أحواله: أنه صرفي يحول الأصل الواحد إلى أمثال مختلفة مقصودة لا تحصل إلا بها، ويرى أن الأجوف الناقص غير

<<  <  ج: ص:  >  >>