تستجليه بكرًا، وتصقل به روية وفكرًا، انتهى مقاله فيه وفي أبيه، ومن شعره قوله، وكتبها إلى الشيخ سعدي العمري الدمشقي، وهي:
أفاتن بالألحاظ أهل الهوى فتكًا … فقد صال في العشاق صارمها فتكا
وكف سهام اللحظ عن مهجتي فقد … هتكت حجاب الصبر عن صدرها هتكا
تركت بقلبي لاعجًا وسلبتني … هجوعي فهلا تحسن السلب والتركا
هواك لقد أجرى دموعي صبابة … وصدّك نيران الجفا في الحشا أذكى
رويدك يا من بالهوى قد أذابني … وأنهك جسماني بتبريحه نهكا
ومذ همت لما شمت بارق ثغره … لدرّ غدا الياقوت في نظمه سلكا
أسرّ الهوى خوف الوشاة ومقلتي … بدرّ ثنايا الدمع تفضحه ضحكا
وفي هتك سرّ العاشقين شواهد … ولكنّ فيض الدمع أكثرهم هتكا
وكان مجال الصبر متسع الحمى … بحلبة صدري فانثنى ضيقًا ضنكا
وشاركني كل الأنام بحبه … وتوحيده في القلب لا يقبل الشركا
وقد زان ورد الخدّ في روض حسنه … بنقطة خال قد حكى عرفه المسكا
من الترك يسطو في القلوب بلحظه … فلا تسألوا عن حال من يعشق التركا
رأى غرب جفني سافكًا بمدامع … تبارى الحيا المدرار فاستوقف النسكا
تملك قلبًا من تجنيه قد عفا … فما ضرّه بالوصل لو عمر الملكا
ولما جلا لي وجهه بعد بعده … وطور اصطباري عن محاسنه دكا
سبكت بنار العتب فضة خدّه … فأذهب أكسير الحيا ذلك السبكا
فيا مالكًا لم أدّخر عنه مهجتي … أجبني فدتك النفس لم سمتها الهلكا
وإني ألفت الذل فيك وطالما … بعزة نفسي كنت أستصغر الملكا
متى تجل عني ظلمة الصدّ علها … بصبح وصال تستنير به وشكا
هناك ترى قدحي من الحظ عاليًا … وسعدي في أفق العلي جاوز الفلكا
همام غدا في ذروة المجد ضاربًا … له خيم العلياء من رفع السمكا
ومدّ رواقًا للكمالات فوقه … وصاغ لها من درّ أوصافه حبكا