للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تستجليه بكرًا، وتصقل به روية وفكرًا، انتهى مقاله فيه وفي أبيه، ومن شعره قوله، وكتبها إلى الشيخ سعدي العمري الدمشقي، وهي:

أفاتن بالألحاظ أهل الهوى فتكًا … فقد صال في العشاق صارمها فتكا

وكف سهام اللحظ عن مهجتي فقد … هتكت حجاب الصبر عن صدرها هتكا

تركت بقلبي لاعجًا وسلبتني … هجوعي فهلا تحسن السلب والتركا

هواك لقد أجرى دموعي صبابة … وصدّك نيران الجفا في الحشا أذكى

رويدك يا من بالهوى قد أذابني … وأنهك جسماني بتبريحه نهكا

ومذ همت لما شمت بارق ثغره … لدرّ غدا الياقوت في نظمه سلكا

أسرّ الهوى خوف الوشاة ومقلتي … بدرّ ثنايا الدمع تفضحه ضحكا

وفي هتك سرّ العاشقين شواهد … ولكنّ فيض الدمع أكثرهم هتكا

وكان مجال الصبر متسع الحمى … بحلبة صدري فانثنى ضيقًا ضنكا

وشاركني كل الأنام بحبه … وتوحيده في القلب لا يقبل الشركا

وقد زان ورد الخدّ في روض حسنه … بنقطة خال قد حكى عرفه المسكا

من الترك يسطو في القلوب بلحظه … فلا تسألوا عن حال من يعشق التركا

رأى غرب جفني سافكًا بمدامع … تبارى الحيا المدرار فاستوقف النسكا

تملك قلبًا من تجنيه قد عفا … فما ضرّه بالوصل لو عمر الملكا

ولما جلا لي وجهه بعد بعده … وطور اصطباري عن محاسنه دكا

سبكت بنار العتب فضة خدّه … فأذهب أكسير الحيا ذلك السبكا

فيا مالكًا لم أدّخر عنه مهجتي … أجبني فدتك النفس لم سمتها الهلكا

وإني ألفت الذل فيك وطالما … بعزة نفسي كنت أستصغر الملكا

متى تجل عني ظلمة الصدّ علها … بصبح وصال تستنير به وشكا

هناك ترى قدحي من الحظ عاليًا … وسعدي في أفق العلي جاوز الفلكا

همام غدا في ذروة المجد ضاربًا … له خيم العلياء من رفع السمكا

ومدّ رواقًا للكمالات فوقه … وصاغ لها من درّ أوصافه حبكا

<<  <  ج: ص:  >  >>