تبوّأ من بحبوحة الفضل رتبة … بغير سناها نير الفضل لن يركا
إذا رمت تلقى المجد شخصًا ممثلًا … فشمه تراه لأمراء ولا شكا
تودّ الدراري عند بث صفاته … تطاولها فخرًا وتلزمه سدكا
متى خطبته المكرمات لنفسها … وفي فض ختم المجد قد أحرز الصكا
فلم يحكه مذ شبّ في الفضل فاضل … ولكنه عن حسن آدابه استحكى
وضوّع عرف الفضل منه بجلق … فيا فضل ما أنمى ويا عرف ما أزكى
ونظم أشتات المعالي إصابة … بعامل فكر قد أبى الطعنة السلكا
وأصبح في روض البديع مغردًا … بأفنان أفنان تعز بأن تحكى
من العمريين الأولى شاع ذكرهم … وقام مقام الفضل في الليلة الحلكا
فمن ذا يجاريه بفضل وسؤدد … وآدابه تلك التي بهرت تلكا
فما الروض غب القطر حرّكه الصبا … قدودًا أزهت من قضب باناته فركا
وسوط المثاني والمثالث قد غدا … يرجع الصدا يستنطق العود والجنكا
وترجيع عتب من محب بدت له … بروق الرضا ممن يعاتب فاستشكى
ودادك في قلبي لقد ضاع عرفه … بمدحك لما جال في القلب واحتكا
فخذ بكر فكر غادة قد زففتها … تجرّ حياء ذيل تقصيرها منكا
ودم وابق واسلم ما بكى من شجونه … أخو لوعة في رسم دار أو استبكى
فأجابه بقوله:
أتت والدراري الزهر تعترض الفلكا … وطوق الثريا كاد أن يقطع السلكا
وقد مدّ جيش الفجر بيض نصوله … ليوسع أطراف الظلام به فتكا
وجنح الدجى قد ضم فضل سواده … مخافة أن تغشى طلائعه وشكا
سوى ما توارى منه في مقل الظبا … وفي طرر الأصداغ واللمم الحلكى
وقد تلت الأنوار آية محوه … على مسمع الأزهار فابتدرت ضحكا
وغنت على الأغصان ورق حمائم … غناء غريض حرّك العود والجنكا
فتاة حذار الناظرين تلفعت … بمنسوج درّ أحكمت نسجه حبكا