للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذكره صاحب "الشقائق النعمانية" في كتابه، وقال: كَانَ وَالِده من طَائِفَة التُّجَّار، وَكَانَ صَاحب ثروة عَظِيمَة، وَكَانَ أولاده مترفهين فِي اللبَاس وَالْعَبِيد، وَعيِن للْمولى خواجه زَاده فِي شبابه كل يَوْم درهما وَاحِدًا فَقَط، وَكَانَ ذَلِك لاشتغاله بِالْعلمِ، وَتَركه طَريقَة وَالِده، وَقد سخط أبوه عَلَيْهِ لذَلِك.

وَفِي يَوْم من الأيام اجْتمع وَالِده مَعَ الشَّيْخ الْعَارِف بِالله تَعَالَى ولي شمس الدّين البُخَارِيّ قدّس سرّه، فَرَأى الشَّيْخ شمس الدّين الْمولى خواجه زَاده، وَعَلِيهِ سوء الْحَال، يجلس فِي صف النِّعَال، وَعَلِيهِ ثِيَاب دنيئة، وَرَأى إخوته متجمّلين بالثياب النفيسة مَعَ الخدم وَالْعَبِيد.

فَقَالَ الشَّيْخ الْمَذْكُور لوالده: من هَؤُلَاءِ؟ وَأَشَارَ إلى أولاده.

فَقالَ: أولادي.

قَالَ: وَمن هَذَا، وأشار إلى الْمولى خواجه زَاده.

قَالَ هُوَ أيضا وَلَدي.

قَالَ: لأيّ سَبَب هُوَ فِي سوء الْحَال؟

قَالَ: إِنّي أسقطته من عَيْني لتَركه طريقتي، فنصح الشَّيْخ لَهُ، وَلم يُؤثر فِيهِ نصحه، وَلما قَامُوا عَن الْمجْلس قَالَ الشَيْخ للْمولى خواجه زَاده ادن مني، فَدَنَا مِنْهُ، فَقَالَ: لَا تتأثر من سوء الْحَال، فَإِن الطَّرِيق طريقك، وَيكون لَك إن شَاءَ الله تَعَالَى شَأْن عَظِيم، وَيقوم إخوتك عنْدك فِي مقَام الخدم وَالْعَبِيد.

وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى لَا يملك إلا قَمِيصًا وَاحِدًا، وَكَانَ لَا يقدر على اشْتِرَاء الْكتاب، وَيكْتب كِتَابه بِنَفسِتهِ على أوراق ضَعِيفَة لرخصها، ثمَّ إنه حصل الْعُلُوم، ثمَّ وصل إلى خدمَة الْمولى ابْن قَاضِي أياثلوغ، وَقد مرّ ذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>