وقرأ عِنْده الأصولين، والمعاني، وَالْبَيَان فِي مدرسة اغراس، ثمَّ وصل إلى خدمَة الْمولى حضر بك ابْن جلال، وَهُوَ مدرس سلطانية "بروسه"، ثمَّ صَار معيدا لدرسه، وَحصل عِنْده علوما كَثِيرَة، وَهُوَ فِي سنّ الشَّبَاب، وَكَانَ الْمولى الْمَذْكُور يُكرمهُ إكراما عَظِيما، وَكَانَ يَقُول: إِذا أشكلت عَليّ مسئلة لتعرض على الْعقل السَّلِيم، يُرِيد بِهِ الْمولى خواجه زَاده.
ثمَّ أرسله الْمولى حضر بك إلى السُّلْطَان مُرَاد خَان، وَشهد لَهُ باستحقاقه التدريس، فَقبله السُّلْطَان، إلا أنه كَانَ مُتَوَجها إلى السّفر، وَأَعْطَاهُ قَضَاء "كستل"، وَلما رَجَعَ عَن السّفر أعطَاهُ مدرسة الأسدية بِمَدِينَة "بروسه"، وَعين لَهُ كل يَوْم عشْرين درهما، فَمَكثَ هُنَاكَ سِتّ سِنِين، واشتغل بِالْعلمِ مَعَ فقر وفاقه، حَتَّى أنه كَانَ يخْدم فِي بَيته بِنَفسِهِ، وَحفظ هُنَاكَ "شرح المواقف".
ثمَّ لما انْتَهَت السلطنة إلى السُّلْطَان مُحَمَّد خَان، وشاهد العلماء رغبته فِي الْعلم، ذَهَبُوا إليه، وأراد الْمولى خواجه زَاده الذّهاب إليه، لَكِن مَنعه فقره عَن السّفر، وَكَانَ لَهُ خَادِم من أَبنَاء التّرْك، فاقترض لَهُ ثَمَانمِائَة دِرْهَم، فَاشْترى بهَا فرسا لنَفسِهِ وفرسا لِخَادِمِهِ، وَذهب إلى السُّلْطَان، ولقيه وَهُوَ ذَاهِب من "قسطنطينية" إلى "أدرنه"، وَلما رَآهُ الْوَزير مَحْمُود باشا، قَالَ لَهُ: أصبت فِي مجيئك، إني ذكرتك عِنْد السَّلْطَان، اذْهَب إليه، وَعِنْده الْبَحْث، فَذهب إليه، وَسلم على السُّلْطَان، فَقَالَ السُّلْطَان لمحمود باشا: من هَذَا؟
فَقَالَ: هُوَ خواجه زَاده، فَرَحَّبَ بِهِ السُّلْطَان، فَإِذا فِي أحد جانبيه الْمولى زيرك، وَفِي جَانِبه الآخر الْمولى سَيِّدي عَليّ، فَتوجّه خواجه زَاده إلى جَانب سَيِّدي عَليّ، وَاعْترض على الْمولى زيرك، فَجرى بَينهمَا كَلَام كثير، وَذهب الْمولى سَيِّدي عَليّ، وَبَقِي هُوَ فِي جَانب السُّلْطَان، وَكثر المباحثة، وأفحم الْمولى زيرك، حَتَّى قَالَ لَهُ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان كلامك لَيْسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute