أعطى إحداهما المرحوم، والأخرى للْمولى شمس الدّين أحْمَد المشتهر بقاضي زَاده فِي كل يَوْم بستين درهما.
ثمَّ قلد قَضَاء "بروسه" ثمَّ عزل عَنهُ لبَعض زلاته الْوَاقِعَة فِي صكوكه ومراسلاته، وَبعد سنة ولي قَضَاء "أدرنه"، ثمَّ نقل إلى "قسطنطينية"، ودام عَلَيْهِ حَتَّى وَقع بَينه وَبَين الْوَزير الْكَبِير رستم باشا مَا وَقع، فَعَزله وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم بطرِيق التقاعد، ثمَّ لما مَاتَ الْوَزير الْمَزْبُور، وانتصب مَكَانَهُ عَليّ باشا أظهر لَهُ المرحوم رغبته فِي قَضَاء مَدِينَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فقلد ذَلِك وَبعد سنة عزل عَنهُ، فَلَمَّا عَاد، وَبلغ إلى "مصر" أدركته الْمنية وفاتته الأمنية، وَذَلِكَ فِي شهر شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَتِسْعمِائَة، وَسمعت من بعض الْعِظَام أن السَّبَب فِي اخْتِيَاره عِنْد عوده طَرِيق "مصر" على طَرِيق "الشَّام" أنه فِي بعض اللَّيَالِي نَام فَسمع قَائِلا يَقُول فِي الْمَنَام: الْقَضَاء فِي "الْمصر"، فانتبه، وغاص فِي بَحر الْفِكر.
ثمَّ حكم بَأن هَذِه الرُّؤْيَا من الآيات الظَّاهِرَة بأنه سَيكون قَاضِيا بِـ "الْقَاهِرَة"، وَلم يدرانها قاضية بأنه سيصل فِيهَا بالعيشة الراضية، وَكَانَ الْمولى المرحوم بارعا فِي كثير من الْعُلُوم مَعْرُوفا بنقاء القريحة وجودة البديهة، وَمَعَ ذَلِك لَيْسَ فِيهِ رَائِحَة كبروتية.
وَكَانَ كثير الانشراح، محبا للمفاكهة والمزاح، محبا لمعاشرة الإخوان، ومكبَّا على مصاحبة الخلان، أسكنه الله فِي غرف الجْنان.
وَقد علق رَحَمه الله حَوَاشِي على حَاشِيَة الْمولى حسن جلبي على "التَّلْوِيح"، وَبَقِي فِي هَامِش الْكتاب، وَهَذِه النُّسْخَة الآن مَوْجُودَة فِي الْكتب، وَقفهَا الْوَزير الْكَبِيِر عَليّ باشا فِي مدرسته الجديدة، وعلق أيضا حَوَاشِي على "الدُّرَر وَالْغرر"، وَلم تتمّ، وَقد عثرت لَهُ على كَلِمَات كتبهَا فِي هَامِش كتاب الجامي على الْموضع يتساءل عَنهُ الطلاب من قَوْله فِي بحث