للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذكره صاحب "العقد المنظوم" في كتابه، وقال: ولد رَحمَه الله تَعَالَى سنة أرْبَع وَتِسْعمِائَة بقصبة "ثيره".

فَلَمَّا نَشأ وشب وَبلغ أبان الطّلب ترك التواني والتناعس وهجر التقاعد والتقاعس، فَخرج من تِلْكَ الْبِلَاد، وتشبث بذيل السَّعْي وَالِاجْتِهَاد، حَتَّى انتظم فِي سلك أرباب الاستعداد، وَاجْتمعَ من الأفاضل بِمن يمُكن مَعَه الِاجْتِمَاع، كالمولى محي الدّين الفناري، وَالْمولى شُجَاع.

ثمَّ عطف الزِّمَام نَحْو الِاشْتِغَال على الْمولى الْمُعظم المشتهر بِابْن الْكَمَال، فَجعل العكوف على التَّحْصِيل لزاما، فَملك من الْعُلُوم عنانا وزماما، وأحرز عِنْده من الْفَضَائِل مَا أحرز سَابق فِي مضمار المعارف، فبرز، وَجرى فِي ميدانها إلى أبعد أمد، وَبنى بَيت التَّقَدُّم على أثْبتْ عمد، وَصَارَ ملازما من الْمولى خير الدّين معلم السُّلْطَان سُلَيْمَان.

ثمَّ تقلد مدرسة الْمولى يكان بِمَدِينَة "بروسه"، ثمَّ عَن لَهُ بعض الأمور، واقتضت بعض الحيثيات اخْتِيَاره قَضَاء بعض القصبات، ثمَّ رَجَعَ عَنهُ بعد مَا بَاشر الْقَضَاء برأيه الرصين، وَأخذ مدرسة الْمولى عرب بقصبة "ثيره" بأربعين، ثمَّ ساعده الدَّهْر، وأعانه الزَّمَان حَيْثُ انتسب إلى زَوْجَة السُّلْطَان سُلَيْمَان، فأعطته مدرسته المبنية فِي "قسطنطينية" المحمية، فَبعد قَلِيل من الزَّمَان نقل إلى إحدى الْمدَارِس الثمان.

ثمَّ قلد قَضَاء "بروسه"، ثمَّ قَضَاء "أدرنه"، ثمَّ قَضَاء "قسطنطينية"، فَلَمَّا وصلت مُدَّة قَضَائِهِ إلى أرْبَع سِنِين ولي قَضَاء الْعَسْكَر بِولَايَة "أناطولي"، فَبعد عشرَة أيام توفّي الْمولى الشَّيْخ مُحَمَّد المشتهر بجوى زَاده، وَهُوَ قَاض بالعكسر بِولَايَة "روم ايلي"، فَنقل المرحوم إلى مَكَانَهُ، وَاسْتقر فِيهِ خمس سِنِين، ثمَّ عزل وَعين لَهُ كل يَوْم مائة وَخَمْسُونَ درهما.

وَتُوفِّي فِي الْعشْر الأخير من رَمَضَان سنة سبع وَسبعين وَتِسْعمِائَة، وَدفن لَيْلَة الْقدر بِقرب زَاوِيَة السَّيِّد البُخَارِيّ خَارج "قسطنطينية".

<<  <  ج: ص:  >  >>