للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذكره صاحب "العقد المنظوم" في كتابه، وقال: ولد رَحمَه الله فِي "اللار"، وَهِي بالراء الْمُهْملَة مملكة بَين "الْهِنْد" و"الشيراز".

اشْتغل رَحمَه الله على مير غياث بن مير صدر الدّين المستغني بشهرته التَّامَّة عَن التوصيف والتبيين، وقرأ أيضا على مير كمال الدّين حُسَيْن تلميذ الْمولى الْمَعْرُوف لَدَى القاصي والداني جلال الْملَّة وَالدّين مُحَمَّد الدواني، ثمَّ ذهب إلى بِلَاد الْهِنْد، واقتحم شَدَائِد الأسفار، واتصل بالأمير همايون من أعاظم مُلُوك هَذِه الديار، وَحل عِنْده محلا رفيعا ومنزلا منيعا، وتلمذ مِنْهُ، ولقبه بالأستاذ، وعامله باللطف والرأفة، إلى أن أفناه الدَّهْر، وأباد، وَقَامَت الْفِتَن، والحوادث من بعده فِي تِلْكَ الْبِلَاد، فَخرج المرحوم عَنْهَا قَاصِدا إلى زِيَارَة بَيت الله الْحَرَام، وإقامة شَعَائِر شرائع الإسلام، فَلَمَّا تيَسّر لَهُ الْحَج، وَحصل لَهُ الرّوم رام الدُّخُول فِي بلاد الروم، فانتقل من بلد إلى بلد، وَمن مَدِينَة إلى مَدِينَة، حَتَّى وصل إلى "قسطنطينية"، فَاجْتمع بِمن فِيهَا من الأفاضل الفحول، وباحث مَعَهم فِي الْمَعْقُول وَالْمَنْقُول.

وَلما اجْتمع بالمولى أبي السُّعُود اضمحل عِنْده، وَلم يظْهر لَهُ وجود، وَعين لَهُ كل يَوْم خَمْسُونَ درهما من بَيت المال، فَلم يجد فِيهَا مَا يرضيه من التَّوَجُّه والإقبال، فَلم يخْتَر الإقامة فِي هَذِه الْبَلدة البديعة، وَخرج إلى ديار بكر وَرَبِيعَة، فَلَمَّا وصل إلى "آمد"، وشاع لَهُ المحاسن والمحامد استدعاه أميره إسكندر باشا، وَصَاحبه، فَاسْتَحْسَنَه واعجبه، وَبَالغ فِي ثنائه وعطائه، وعينه معلما لنَفسِهِ وأبنائه، وَزَاد على وظيفته، وأبرم عَلَيْهِ الإقامة فِي الْبَلدة المسفورة.

ثمَّ قلد المدرسة الَّتِي بناها خسرو باشا فِي الْبَلدة المزبورة، وأرسل إليه المنشور من جَانب السُّلْطَان بَان يلْتَحق بزمرة الموَالِي، فَتعين كل نوبَة ثَلَاثَة من طلبته لملازمة الْبَاب العالى، فدام على الدَّرْس والإفادة، حَتَّى درسه الدَّهْر،

<<  <  ج: ص:  >  >>