قال: وفي سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة على خروجه من "جانبانير" ظهرت منه مخائل المستودع بفراق الأبد لها ولأهلها، وأكثر من أعمال البر فيها، وفي طريقه إلى "أحمد آباد".
ولما نزل بها كان يكثر من التردّد إلى المزارات المتبركة، ويكثر من الخير بها، وكان له حسن الظنّ بالعلامة خرم خان، فقال له يوما: نظرت فيما أوثر به أولي الاستحقاق من الإنفاق، فإذا أنا بين إفراط في صرف بيت المال وتفريط في منع أهله، فلم أدر إذا سئلت عنهما بما أجيب.
وفي آخر أيامه، وكان يوم الجمعة، قام إلى المحل، واضطجع إلى أن زالت الشمس، فاستدعى بالماء، وتوضأ، وصلى ركعتي الوضوء وقام من مصلاه إلى بيت الحرم، واجتمعت النسوة عليه آئسات باكيات، يندبن أنفسهن حزنا على فراق، لا اجتماع بعده، فأمرهن بالصبر المؤذن بالأجر، وفرق عليهن مالا، ثم ودعهن، واستودعهن الله سبحانه، وخرج، وجلس ساعة.
ثم استدنى منه راجه محمد حسين المخاطب بأشجع الملك، وقال له: قد رفع الله قدرك بالعلم، وله وهي آخر خدمتك لي أريدك تحضر وفاتي، وتقرأ عليَّ سورة ياسين، وتغسلني بيدك، وتسامحني فيه، فامتن بما أهله به وفداه ودعا له، ثم وقد سمع أذانا قال: أهو في الوقت، فأجاب أسد الملك، هذا أذان لاستعداد صلاة الجمعة، ويكون في العادة قبل الوقت، فقال: أما صلاة الظهر فأصلّيها عندكم، وأما صلاة العصر فعند ربى في الجنة، إن شاء الله تعالى، ثم أذن للحاضرين في صلاة الجمعة، واستدعى مصلاه، وصلى، ودعا الله سبحانه بوجه مقبل عليه، وقلب منيب إليه، دعاء من هو مفارق للقصر مشرف على القبر.
ثم كان آخر دعائه: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي