يقال: اللهم إني عبدك، ولا أملك لنفسي شيئا، فإن تك ذنوبي حبست القطر عن خلقك فها ناصيتي بيدك، فأغثنا يا أرحم الراحمين، قال: هذا، ووضع جبهته على الأرض، واستمرّ ساجدا يكرّر قوله: يا أرحم الراحمين، فما رفع رأسه إلا وهاجت ريح، ونشأت بحرية ببرق، ورعد، ومطر، ثم سجد لله شكرا، ورجع من صلاته بدعاء الخلق له، وهو يتصدّق، وينفح بالمال يمينا وشمالا.
وبعد الاستسقاء بقليل اعتراه الكسل، ثم ضعف المعدة، ومنه شكى ضعف الجسد، وفي خلال ذلك عقد مجلسا حفلا بسادة الأمة ومشايخ الدين وصوفية اليقين، واجتمع بهم، وتذاكروا فيما يصلح بلاغا للآخرة إلى أن تسلسل الحديث في رحمة الله سبحانه، وما اقتضاه منه وإحسانه، فأخذ يشرح ما من الله عليه من حسنة ونعمة، ويعترف بعجز شكرها إلى أن قال: وما من حديث رويته عن أستاذي المسند العالي مجد الدين بروايته، له عن مشايخه إلا وأحفظه وأسنده وأعرف لراويه نسبته وثقته وأوائل حاله إلى وفاته، وما من آية، إلا ومن الله عليَّ بحفظها، وفهم تأويلها، وأسباب نزولها، وعلم قراءتها.
وأما الفقه، فاستحضر منه ما أرجو به مفهوم "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين"، ولي مدة أشهر أصرف وقتي باستعمال ما عليه الصوفية، وأشتغل بما سنه المشايخ لتزكية الأنفاس عملا بما قيل:"من تشبه بقوم فهو منهم"، وها أنا أطمع في شمول بركاتهم متعلّلا بعسى ولعل، وكنت شرعت بقراءة "معالم التنزيل"، وقد قاربت إتمامه، إلا أني أرجو أن أختمه في الجنة، إن شاء الله تعالى، فلا تنسوني من صالح دعاءكم، فإني أجد أعضائي فقدت قواها، وليس إلا رحمة الله سبحانه دواها، فدعا له الحاضرون بالبركة في العمر.