ثم ارتحل إلى "القاهرة"، وتفقّه بها، وقرأ هناك القراءات العشر بطريق الإتقان والإحكام، وقرأ الحديث والتفسير، وأجازه علماء عصره في العلوم المذكورة كلّها.
وأجازه ابن حجر أيضا في الحديث، وشهد له بأنه قرأ الحديث، لا سيّما "صحيح البخاري" رواية ودراية، ودرّس هو بـ "القاهرة" درسا عاما خاصا بالفحول، وشهدوا له بالفضيلة التامة.
ثم إن المولى يكان المذكور سابقا لما دخل "القاهرة" في سفره إلى "الحجاز" لقيه المولى الكوراني، ولما شهد فضله أخذه معه إلى "بلاد الروم"، ولما لقي المولى يكان السلطان مراد خان، قال له السلطان: هل أتيت إلينا بهدية، قال: نعم، معي رجل مفسّر ومحدّث.
قال: أين هو؟
قال: هو بالباب.
فأرسل إليه السلطان، فدخل هو عليه، وسلّم، ثم تحدّث معه ساعة، فرأى فضله، فأعطاه مدرسة "جدّه" السلطان مراد الغازي بمدينة "بروسا"، ثم أعطاه مدرسة جدّه السلطان بايزيد خان الغازى بـ "المدينة" المزبورة، وكان ولد السلطان مراد خان السلطان محمد أميرا في ذلك الزمان ببلدة "مغنيا"، وقد أرسل إليه والده عدّة من المعلّمين، ولم يتمثل أمرهم، ولم يقرأ شيئًا، حتى أنه لم يختم القرآن، فطلب السلطان المذكور رجلا، له مهابة وحدّة، فذكروا له المولى الكوراني، فجعله معلّما لولده، وأعطاه بيده قضيبا، يضربه بذلك إذا خالف أمره، فذهب إليه، فدخل عليه، والقضيب بيده، فقال: أرسلني والدك للتعليم وللضرب إذا خالفتَ أمري، فضحك السلطان محمد خان من هذا الكلام،