والثانية عشرة: في لزوم التأدّب للإمام أبي حنفية رحمة الله ولمذهبه والذبّ عنه وردّ ما قيل فيه.
أما مذهبه في التقليد فهو كما قال في الثانية عشرة من "الدراسات": إن ما تقرّر وثبت في كتب الحنفية وعد من مذهب الإمام أبي حنفية رحمه الله فهو إما أن يتبيّن عندي أنه مذهب غيره من أصحابه أو لا يتبيّن ذلك إما بالتعيّن أنه قوله أو باحتمال ذلك.
الأول: لا أبالي بتركه إذا ترجّح عندي خلافه بأدنى وجه من الوجوه، حتى أن القول الثابت عن الأئمة الثلاثة يترجّح عندي بمجرّد ثبوته عنهم عن أقوالهم إذا لم يكن لقولهم ما يرجّحه عليه لكمال حسن الظنّ بالأئمة الثلاثة.
والثاني: بكلا شقيه التعين والاحتمال القوي، بأن الأصل في رواية كتب المذهب أن يكون من صاحبه إما أن يكون قولا مجرّدا عن سند من السنّة أو مؤيّدا به.
والأول منها أن يعارضه شيء من السنة أو لا يعارضه، فإن عارضه أتركه، وإن ثبت أنه قول أبي حنيفة رحمه الله بلا شبهة، والمراد من قولنا شيء من السنن يعمّ الحديث الضعيف وأقوال الصحابة الموقوفة عليهم بقول أبي حنفية، وإذا جاءنا شيء من الصحابة فعلى الرأس والعين، وإذا كان القول متعيّنا معلوما عن أبي حنيفة رحمه الله خالفه قول تابعي من غير علماء الزهراوين من أهل بيت النبوة ومن غير أهل "المدينة"، ولم يظهر على أحد القولين ما يرجّحه على الآخر، فالأول عندي على سواء، بل حسن الظنّ إلى الإمام في علوّ مناظره الدقيقة الثاقبة يحكم بتقديم قوله على غيره من التابعين، هذا إذا عارض القولان لمجرّد شئ من السنة.
وأما إذا لم يعارضه شيء منها أعمل به بكلا قسميه المعلوم ثبوته عن أبي حنيفة، والمحتمل لذلك بحسن ظنّي إليه، بل وإلى أتباعه أيضا أن لهم في