وكان رحمه الله تعالى رجلا مهيبا، طوالا، كبير اللحية، وكان يصبغ لحيته، وكان قوالا بالحق، وكان يخاطب الوزير والسلطان باسمه، وكان إذا لقي السلطان يسلّم عليه، ولا ينحني له، ويصافحه، ولا يقبل يده، ولا يذهب إليه يوم عيد إلا إذا دعاه، وسمعتُ عن ثقة أنه ذهب إليه يوم عرفة، وكان يوم مطر في أيام سلطنة السلطان بايزيد خان، فجاء إليه واحد من الخدّام، وقال السلطان: يسلّم عليكم، ويلتمس منكم أن تشرّفوه غدا، فقال المولى: لا أذهب، واليوم يوم وحل، أخاف أن يتوحّل خفّى، فذهب الخادم، فلم يليث إلا أن جاء، وقال: سلّم عليكم السلطان، وأذن لكم أن تنزلوا عن الدابة في موضع نزول السلطان، حتى لا يتوحّل خفّكم، فذهب إليه.
وكان رحمه الله ينصح للسلطان محمد خان، ويقول له دائما: إن مطعمك حرام، وملبسك حرام، فعليك بالاحتياط، فاتفق في بعض الأيام أنه أكل مع السلطان محمد خان، فقال السلطان: أيّها المولى! أنت أكلت أيضا من الحرام، فقال: ما يليك من الطعام حرام، وما يلينى منه حلال، فحول السلطان الطعام فأكل المولى، فقال السلطان: أكلت من جانب الحرام، فقال المولى: نفد ما عندك من الحرام، وما عندي من الحلال، فلهذا حولت الطعام.
وقيل له يوما: إن الشيخ ابن الوفاء يزور المولى خسرو، ولا يزورك، فقال: أصاب في ذلك، لأن المولى خسرو عالم عامل تجب زيارته، وإني وإن كنتُ عالما لكنى خالطتُ مع السلاطين، فلا تجوز زيارتي.
وكان رحمه الله تعالى لا يحسد أحدا من أقرانه إذا فضل عليه في المنصب، وإذا قيل له في ذلك كان يقول: المرء لا يرى عيوب نفسه، ولو لم