يكن له فضل على لما أعطاه الله تعالى ذلك المنصب. وقال المولى المزبور يوما للسلطان محمد خان بطريق الشكاية عنه: إن الأمير تيمور خان أرسل بريدا لمصلحة، وقال له: لأن احتجت إلى فرس خذ فرس كلّ مَنْ لقيتَه، وإن كان ابني شاهرخ، فتوجّه البريد إلى ما أمر به، فلقي المولى سعد الدين التفتازاني، وهو نازل في موضع "قاعد" في خيمته، وأفراسه مربوطة قدّامه، فأخذ البريد منها فرسا، فأخبر المولى بذلك، فضرب البريد ضربا شديدا، فرجع هو إلى الأمير تيمور، وأخبره ما فعله المولى المذكور، فغضب الأمير تيمورخان غضبا شديدا، ثم قال: ولو كان هو ابني شاهرخ لقتلتُه، ولكني كيف أقتل رجلا ما دخلتُ في بلدة إلا وقد دخلها تصنيفه قبل دخول سيفي، ثم قال المولى المزبور: إن تصانيفي تقرأ الآن بـ "مكّة الشريفة"، ولم يبلغ إليها سيفك، فقال السلطان محمد خان: نعم أيّها المولى! الناس يكتبون تصانيفه، وأنت كتبت تصنيفك، وأرسلته إلى "مكّة الشريفة" فضحك المولى الكوراني، واستحسن هذا الكلام غاية الاستحسان.
ومناقبه كثيرة لا يتحمّل ذكرها هذا المختصر.
توفي رحمه الله تعالى سنة ثلاث وتسعين وثمانمائة، مات في "قسطنطينية" ودفن بها، وقصة وفاته أنه أمر يوما في أوائل فصل الربيع أن تضرب له خيمة في خارج "قسطنطينية"، فسكن هناك فصل الربيع، فلمّا تمّ هذا الفصل أمر أن يشترى له حديقة، فسكن هناك إلى أول فصل الخريف، وفي هذه المدّة كان الوزراء يذهبون إلى زيارته في كلّ أسبوع مرّة، ثم إنه صلّى الفجر في يوم من الأيام، وأمر أن ينصب له سرير في الموضع الفلاني من بيته بـ"قسطنطينية".