قال أحمد بن صالح الهمذاني: بلغني أنه كان يسمّى بـ "الكوفة" راهب "الكوفة"، فلمّا ولي القضاء قال: خذلت على كبر السنّ، خذلت على كبر السنّ!! مع عفّته وصيانته.
وحدّث أبو القاسم عبيد الله بن سليمان، قال: كنت أكتب لموسى بن بغا، وكنا بـ"الريّ"، وقاضيها إذ ذاك أحمد بن بديل الكوفي، فاحتاج موسى أن يجمع ضيعة هناك، كان له فيها سهام، ويعمّرها، وكان فيها سهم ليتيم، فصرت إلى أحمد بن بديل، أو فاستحضرت أحمد بن بديل، وخاطبته في أن يبيع علينا حصّة اليتيم، ويأخذ الثمن، فامتنع، وقال: ما باليتيم حاجةٌ إلى البيع، ولا أمن أن أبيع ماله، وهو مستغنٍ عنه، فيحدث على المال حادثة، فأكون قد ضيعته عليه.
فقلت: إنا نعطيك من ثمن حصّته ضعف قيمتها.
قال: ما هذا لي بعذر في البيع، والصورة في المال إذا كثر مثلها إذا قلّ.
قال: فأدرته بكلّ لون، وهو يتمنع، فأضجرني، فقلت: أيّها القاضي! لا تفعل فإنه موسى بن بغا.
فقال لي: أعزك الله، إنه الله تبارك وتعالى.
قال: فاستحييتُ من الله أن أعاوده بعد ذلك، وفارقتُه.
فدخلتُ على موسى، فقال: ما عملت في الضيعة؟ فقصصتُ عليه الحديث، فلمّا سمع أنه الله تبارك وتعالى بكى، وما زال يكرّرها، ثم قال: لا تعرض لهذه الضيعة، وانظر في أمر هذا الشيخ الصالح، فإن كانتْ له حاجة فاقضها.
قال: فأحضرته، وقلتُ له: إن الأمير قد أعفاك من أمر الضيعة، وذاك أني شرحتُ له ما جرى بيننا، وهو يعرض عليك حوائجك.