قال: فدعا له، وقال: هذا الفعل أحفظ لنعمته، وما لي حاجةٌ إلا إدرار رزقي؛ فإنه تأخّر منذ شهور، وأضرّني ذلك.
قال: فأطلقت له جاريه.
وروى الخطيب بسنده، عن أحمد بن بديل، قال: بعث إلى المعتز رسولًا بعد رسول، فلبست كمّي، ولبست نعل طاق، وأتيت بابه، فقال الحاجب: يا شيخ! نعليك.
فلم ألتفتْ إليه، ودخلت الباب الثاني، فقال الحاجب: نعليك.
فلم ألتفتْ إليه، فدخلت إلى الثالث، فقال: يا شيخ! نعليك.
فقلت: أبالواد المقدّس، فانا أخلع نعليّ.
فدخلت بنعليّ، فرفع مجلسي، وجلست على مصلاه، فقال: أتعبناك أبا جعفر.
فقلت: أتعبتني، وأذعرتني، فكيف بك إذا سئلت عني! فقال: ما أردنا إلا الخير، أردنا نسمع العلم.
فقلت: وتسمع العلم أيضًا، ألا جئتني، فإن العلم يؤتى، ولا يأتي.
قال: فأخذ الكاتب القرطاس، والدواة، فقلت له: أتكتب حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قرطاس بـ "مداد"! قال: فبم نكتب.؟ قلت: في رقّ.
فجاءوا برقّ وحبر، وأخذ الكاتب يريد أن يكتب، فقلت: اكتبْ بخطّك.
فأومأ إليه أن لا تكتب، فأمليتُ عليه حديثين أسخن الله بهما عينيه. فسأله ابن البنا أو ابن النعمان: أيّ الحديثين؟ فقال: قلت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من استرعى رعية فلم يَحُطْها بالنصيحة