رفع يديه عند الركوع، وعند رفع الرأس، فسدت صلاته لأنه عمل كثير، فصلاتهم فاسدة عندنا، فلا يصلح هذا الاقتداء. انتهى.
والحق أن هذه الرواية التي رواها مكحول شاذة، لا يعتدّ بها، ولا يذكرها، وممن صرح بشذوذها محمد بن عبد الواحد الشهير بابن الهمام في "فتح القدير"، وذكر أنه صرح بشذوذها صاحب "النهاية"، وفي "حلية المحلي شرح منية المصلي " لابن أمير حاج الفساد برفع اليدين في الصلاة رواية مكحول النسفي عن أبي حنيفة، وهو خلاف ظاهر الرواية، ففي "الذخيرة" رفع اليدين لا يفسد، منصوص عليه في باب صلاة العيدين من "الجامع"، ومضى عليه في "الخلاصة"، وهو أولى بالاعتبار، وفي "البزازية" رفع اليدين في المختار لا يفسد، لأن مفسدها لم يعرف قربة فيها، وفي "السراجية" رفع اليدين لا يفسد، وهو المختار. انتهى. وفي "مقدمة رفع اليدين" لمحمود بن أحمد بن مسعود القونوي القول بعدم جواز اقتداء الحنفي بالشافعي ليس مذهب أبي حنيفة، وإنما هو قول شاذ، ذكره بعض المتأخرين على رواية مكحول النسفي، وإن مكحولا تفرد بهذه الرواية، ولم يروها أحد غيره في ما نعلم، ولم يكن مشهورا بالرواية في المذهب، ولم نجد له قولا ولا اختيارا، ولم ينصّ أحد من المشايخ على صحة هذه الرواية، ورجحانها، فينزل بمنزلة المجهول من الرواية، ومن يكن بهذه المثابة لا يجوز العمل بروايته، ومعلوم أن مكحولا لم يكن من أهل القرون المعدلة، ولم تشهر روايته في السلف ليقرّ عليها، فلا يجب العمل بروايته، بل لا يجوز، حتى قال الأصوليون من أصحابنا: إن رواية مثل هذا المجهول في زماننا لا يعمل بها، وإذا كان كذلك في رواية الأخبار فكذا في رواية الأحكام الدينية، إذ لا فرق بينهما في العمل بها، وأيضا فإن ظاهر ما روي عن مكحول يدلّ على أنه أدرك أبا حنيفة،