فقلت: لخوفي منها على خيرة الله، ثم نظرت، فإذا برجال، قد أقبلوا، فنظرتهم، فإذا هم كهيأة المرأة التي أتتني، عيونهم مشقوقة بالطول في هيأة قاض وشهود، فخطب القاضي، وعقد، فقبلتُ، ونهضوا، وعادت المرأة، ومعها جارية حسناء، إلا أن عينها مثل عين أمها، وتركتها عندي، وانصرفت، فزاد خوفي، واستيحاشي، وبقيت أرمى من كان عندي بالحجارة، حتى يستيقظوا، فما انتبه أحد منهم، ثم آن الرحيل، فرحلنا، وتلك الشابة لا تفارقني، فمرَّت على هذا ثلاثة أيام، فلمّا كان اليوم الرابع أتتني المرأة، وقالت: كأن هذه الشابة ما أعجبتك، وكأنك تحب فراقها، فقلت: أي والله، فقالت: طلقها، فطلقتها، فانصرفت، ثم لم أرهنا بعد، وهذه الحكاية كانت تذكر عن جلال الدين، فحكيتها للقاضي الإمام العلامة شهاب الدين أبي العباس أحمد بن فضل الله العمري، تغمده الله برحمته، فقال: أنت سمعتها من جلال الدين، فقلت: لا، فقال: أريد أن أسمعها منه، فمضينا إليه، كنت أنا السائل عنها، فحكاها، كما ذكرتها، فسألها القاضي شهاب الدين، هل أفضى إليها، فزعم أن لا، وقد ألحق القاضي شهاب الدين هذه الحكاية في ترجمة القاضي جلال الدين في كتابه "مسالك الأبصار بخطّه على حاشية الكتاب". انتهى. وسيأتي ذكر والده في حرف الحاء المهملة، وله ابن آخر، قد ذكره ابن حجر في "المجمع المؤسس للمعجم المفهرس"، بقوله أبو بكر بن الحسن بن أحمد بن الحسن بن أنوشروان الرازي فخر الدين ابن القاضي حسام الدين الحنفي، مات سنة سبع وسبعين وسبعمائة. انتهى ملخّصا.