ثم شدّ الرحال إلى "باكستان" عام ١٣٧٤ هـ تلبية لنداء الشيخ احتشام الحق التهانوي والشيخ سليم الله خان، شيخ الحديث في الجامعة الفاروقية بـ "كراتشي"، وولي منصب شيخ الحديث والمفتي الأكبر في دار العلوم الإسلامية في "تندو الله يار" من مديرية "حيدر آباد"، ودرّس "سنن أبي داود" منذ ١٣٧٨ هـ إلى ١٣٩٤ هـ، ثم عين شيخ الحديث على مكان الشيخ ظفر أحمد التهانوي عام ١٣٩٤ هـ، يدرّس "صحيح البخاري"، و"سنن الترمذي"، علاوة على ذلك قام بخدمات بليغة بالإفتاء لخمس وعشرين سنة، وكتب كثيرا من الفتاوى، كما أمضى سنوات أخيرة من حياته في مدرسة مظاهر العلوم بـ "حيدر آباد" بوصفه رئيسا لها، وشيخا للحديث بها.
يصف الشيخ محمد فصيح أحد فضلاء دار العلوم "كراتشي " نجل الشيخ صاحب الترجمة في اشتغاله وانهماكه وعكوفه على العلم والعوائق والشدائد والمصائب، في سبيله وارتداءه برداء الصبر عليها.
قد عاش طول حياته متمتّعا بمذاق العلم والمعرفة، وظلّ يشتغل بكلّ جهد جهيد، يمضي يندّد مثاله الآن من الدنيا الفانية، وكان لأساتذته ثقة واعتماد بالغ على صلاحيته وجدارته العلمية مما يشهد عليه أنه لما ولي التدريس أسند إليه شيوخه دروس تدريس كتب الصفوف العليا في البداية.
كذلك قد جعل الله صابرا متحمّلا مثابرا، حتى يلقى المصائب الهائلة والأوضاع الخطرة بكلّ جراءة وبسالة وشجاعة، ويستقبلها بوجه طلق، يثبت عليها، ويصطبر، ولا يخطر ببال أحد الناظرين أن عليه شيء من الكآبة والحزن والأسى، حيث يقول الشيخ الحكيم محمد أختر: إن يشأ أحد أن يتعلم الصبر والتواضع والخشونة، ويرى صورة جامعة لها فلينظر إلى شيخ الحديث الشيخ المفتي وجيه، لأني لم أجد شخصا كما أجده في هذه المزايا إلا