وَسمعت مِنْهُ أنه قَالَ: لما حججْت مع الشَّيْخ أحْمَد، قَالَ لي يَا وَلَدي: انْظُر قطب الزَّمَان كي تعرف من هُوَ وَهُوَ يقف بِيَمِين الإمام بِـ "عَرَفَة" فِي كل حجَّة، فَنَظَرت، فَإِذا هُوَ الْمولى إياس، وَهُوَ بِمَدِينَة "بروسه" فِي تِلْكَ السّنة، وَلما رَجعْنَا من الْحَج، وأتينا مَدِينَة "بروسه"، سَأَلني وَاحِد من الصلحاء عَن الْوَاقِف فِي يَمِين الإمام بـ "عَرَفَة"، فَقلت: هُوَ الْمولى إياس، فَحصل لي فِي تِلْكَ اللَّيْلَة وجع عَظِيم، حَتَّى قربت من الْمَوْت، فَفِي صَبِيحَة تِلْكَ اللَّيْلَة ذهب الشَّيْخ إلى زِيَارَة الْمولى إياس، فَذَهَبت مَعَه، فَلَمَّا جلسنا عِنْده نظر الْمولى إياس إلي نظرة غضب، وَكَانَ لم يرني قبل ذَلِك.
وَقَالَ لأيّ شَيْء أفشيت سرّي، وإني قصدت فِي هَذِه اللَّيْلَة ثَلَاث مَرَّات أن أدعو الله تَعَالَى لقبض روحك، وَحَال روح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بيني وَبَين الدُّعَاء، وَمن هَذَا عرفت أنك صَحِيح النّسَب، فَاعْتَذر إليه الشَّيْخ أحْمَد من قبلي حَتَّى قبل التماسه، وَعَفا عني، وَقمت، فَقبلت يَده، وَرَضى عني، ودعا لي بِالْخَيرِ.
وَمن جملَة أحواله أنه مرض قبل مرض مَوته بِسنة مَرضا شَدِيدا، فعاده الْمولى الْوَالِد، وَذَهَبت إليه مَعَه، فَسَأَلَهُ الْمولى الْوَالِد عَن مَرضه، فَقَالَ الآن خف الْمَرَض، قَالَ: وَفِي هَذِه الصبيحة وَقت الإشراق دخل عَليّ عزرائيل عَلَيْهِ السَّلَام فِي صُورَة الْمولى عَلَاء الدين عَليّ الجمالي الْمُفْتِي، فَظنَنْت أنه جَاءَ لقبض الرّوح، فتوجهت مراقبا، قَالَ: فَقَالَ: مَا لَك مَا جئْتُك لقبض الرّوح، وإنما أتيت إليك للزيارة، قَالَ، ثمَّ سلم عَليّ، وَذهب.
وعاش المرحوم بعد ذَلِك قَرِيبا من سنتَيْن، وَمرض فِي حَيَاته الشَّيْخ سنبل سِنَان.