للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذكره صاحب "الشقائق" في كتابه، وقال: كَانَ أبوه من قَصَبَة "أماسيه"، وَكَانَ قَاضِيا فِي بعض القصبات، وَقد وَقع ولادَة المرحوم على رَأس تِسْعمائَة، وَنَشَأ رَحمَه الله فِي قَصَبَة "طرابوزن"، وأميرها يَوْمئِذٍ السُّلْطَان سليم خَان ابْن السُّلْطَان بايزيدخان، فداخلت أم الْمولى المسفور دَار الأمير الْمَزْبُور، وَابْنه السُّلْطَان سُلَيْمَان يَوْمئِذٍ صَغِير لم يَنْتَظِم لَهُ الْمَشْي بالأقدام، وَلم يبلغ رُتْبَة الإفطام، فأرضعته بُرْهَة من الزَّمَان، فصارا رضيعى لبان، وَبعد اللتيا وَالَّتِي رغب المرحوم فِي تَحْصِيل المعارف والعلوم وجدّ فِي الطلاب، وقلقل الركاب، وتعاني شَدَائِد الأسفار، واستفتح مغالق الأسفار إلى أن حوى المعارف، وحازها، وَتحقّق حقائق الْعُلُوم، ومجازها، وَصَاحب الأماجد والأعالي، حَتَّى صَار ملازما من الْمولى عَلَاء الدّين الجمالي.

وَيُقَال: إنه فِي أوان طلبه، واشتغاله اعتزل النَّاس مُدَّة سبع سِنِين، وَاعْتَكف فِي غَار بِقرب طرابوزن مكبا على الاشْتِغَال فِي الْعُلُوم.

ثمَّ درس بمدرسة "سونسه" بِعشْرين، ثمَّ بِالْمَدْرَسَةِ الجانبازية بـ "قسطنطينية" بِخَمْسَة وَعشْرين، ثمَّ بمدرسة الْمولى مُحَمَّد ابْن الحاجي حسن بِثَلَاثِينَ، ثمَّ الْمدرسَة الأفضلية بأربعين، ثمَّ مدرسة مصطفى باشا بِخَمْسِينَ كل ذَلِك بِالْمَدِينَةِ المزبورة.

ثمَّ نقل إلى مدرسة بنت السُّلْطَان أسكدار، ثمَّ إلى إحدى الْمدَارِس الثمان، فاتفق أنه أرسل مَكْتُوبًا إلى رضيعه السُّلْطَان سُلَيْمَان، وشنع عَلَيْهِ لبَعض الْمُنْكَرَات، وَأَغْلظ فِي الْكَلَام، فاشمأز مِنْهُ خاطر السُّلْطَان، فَعَزله، وَعين لَهُ كلّ يَوْم خمسين درهما، ثمَّ زَاد عَلَيْهَا عشرَة، فَانْقَطع المرحوم عَن التَّرَدُّد إلى أبواب الوزراء والأمراء فِي حديقته، الَّتِي عمرها من قبل فِي مَوضِع من


* * راجع: الشقائق النعمانية ١: ٤٠٣، ٤٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>