وأقام أبو سعيد بـ "بغداد" سنين كثيرة يدرّس، ثم خرج إلى الحجّ، فقتل في وقعة القرامطة مع الحجّاج، سنة سبع عشرة وثلاثمائة. رحمه الله تعالى.
قال الإمام اللكنوي رحمه الله تعالى في "الفوائد البهية": ذكر الزيلعي في "شرح الكنز" أن أبا سعيد البردعي دخل "بغداد" حاجا، فوقف على داود الظاهري، وكان يناظر رجلا من أصحاب أبي حنيفة. وقد ضعف في جوابه الحنفي. فجلس البردعي، وسأله عن بيع أمّهات الأولاد، فقال داود: يجوز، لأنا أجمعنا على جواز بيعهن قبل العلوق، فلا يزول الإجماع إلا بمثله، فقال له البردعي: وأجمعنا على أن بعد العلوق قبل وضع الحمل لا يجوز البيع، فلا يزول الإجماع إلا بمثله، فانقطع داود. وقال أبو سعيد: فأقام بـ "بغداد" يدرّس، فرأى في المنام ليلة، كأن قائلا يقول: فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض، فانتبه، فإذا رجل يدقّ الباب، ويقول: مات داود الظاهري، فإن أردت أن تصلي فاحضر. انتهى. وذكر حافظ الدين النسفي في "الكافي" في باب اليمين في الطلاق والعتاق عند ذكر المسألة البردعية أن أبا سعيد البردعي قال: أشكلت علىَّ هذه المسألة، فلم أجد بـ "بردعة" من أسأله، فقدمت "بغداد"، فسألتُ عن القاضي أبي خازم، فكشف عليّ، ومكثت عنده أربع سنين، وقرأت "الجامع الكبير" قبل أن آتي "بغداد" ثلثمائة مرّة أو أربع مائة مرّة. انتهى. وقال الإتقاني في "التبيين شرح المنتخب الحسامي": أبو سعيد البردعي أحمد بن الحسين تلميذ أبي علي الدقّاق الرازي صاحب "كتاب الحيض"، وهو تلميذ موسى بن نصير الرازي، وهو تلميذ محمد بن الحسن. والشيخ أبو الحسن الكرخي تلميذ البردعي.