الطائي، وأسد بن عمرو، ويوسف بن الخالد السمتي أحد مشايخ الشافعي، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وهو الذي كان يكتبها لهم ثلاثين سنة.
وقال أسد بن الفرات أيضا بهذا السند: قال لي أسد بن عمرو: كانوا يختلفون عند أبي حنيفة في جواب المسألة، فيأتى هذا بجواب، وهذا بجواب، ثم يرفعونها إليه، ويسألونه عنا، فيأتي الجواب من كتب أي من قرب، وكانوا يقيمون في المسألة ثلاثة أيام، ثم يكتبونها في الديوان.
وقد أسند الصيمري إلى إسحاق بن إبراهيم أنه قال: كان أصحاب أبي حنيفة يخوضون معه في المسألة، فإذا لم يحضر عافية بن يزيد قال أبو حنيفة: لا ترفعوا المسألة، حتى يحضر عافية، فإذا حضر عافية ووافقهم، قال أبو حنيفة: أثبتوها، وإن لم يوافقهم، قال أبو حنيفة: لا تثبتوها.
وقال يحيى بن معين في معرفة التاريخ والعلل عن الفضل بن دكين، سمعت زفر، يقول: كنا نختلف إلى أبي حنيفة ومعنا أبو يوسف ومحمد بن الحسن، فكنا نكتب عنه، قال زفر: فقال يوما أبو حينفة لأبي يوسف: ويحك يا يعقوب لا تكتب كلّ ما تسمع مني، فإني قد أرى الرأي اليوم، وأتركه غدا، وأرى الرأي غدا، وأتركه في غده، انظر كيف كان ينهى أصحابه عن تدوين المسائل إذا تعجل أحدهم بكتابتها قبل تمحيصها، كما يجبُ، فإذا أحطت خبرا بما سبق علمت وجاهة ما يقوله الموفّق المكّي: أنه وضع أبو حنيفة مذهبه شورى بينهم، لم يستبدّ فيه بنفسه دونهم اجتهادا منه في الدين، ومبالغة في النصيحة لله ورسوله، والمؤمنين، فكان يلقي لسائل مسألة مسألة، وسمع ما عندهم، ويقول ما عنده، ويناظرهم شهرا، أو أكثر، حتى يستقرَّ أحد الأقوال فيها، ثم يثبتها أبو يوسف في الأصول، حتى أثبت الأصول كلّها، وهذا يكون