للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حفظه مضرب الأمثال، وسعته في معرفة الآثار وشدّة تمسّكه بها موضع اتفاق، فلا يكون بلوغ مثله لدرجة الاجتهاد المطلق موضع تردّد.

ومن المعروف: تقسيم المجتهدين إلى مجتهد مطلق مستقلّ غير منتسب، ومجتهد مطلق منتسب، ومجتهد مقيَّد بمذهب، مجتهد فيه على أصول إمامه، كما ذكره ابن حجر المكّي في "شن الغارة"، ونقله بنصّه عبد الحي اللكنوي في "النافع الكبير"، وجرى عليه أحمد بن عبد الرحيم الدهلوي في "الإنصاف في أسباب الخلاف"، وإن لم يوفيا البحث حقّه من التمحيص، ومع ذلك هو أقرب إلى الصواب مما عمله ابن الكمال الوزير في سرد درجات للفقه وتوزيع الفقهاء عليها، -سواء كان له سلف في ذلك أم لم يكن-، ولم يصب في أحد من الأمرين، لا في ترتيب الطبقات، ولا في توزيع الفقهاء عليها، وإن لقي استحسانا من المقلدة بعده، وكان في نفس الشيخ عبد الحي اللكنوي وقفة في صنيع ابن الكمال، وقد شفى ما في نفسه عمل الناقد العصامي الشهاب المرجاني في كتابه "ناظورة الحق" من تعقب يهدم الأمرين: الترتيب والتوزيع معا، فعاد الأمر إلى نصابه بتحقيقه، فجزاه الله عن العلم خيرا، وأنقل هنا في الهامش (١) رسالة ابن الكمال في طبقات الفقهاء بنصّها


(١) الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين. اعلم أن الفقهاء على سبع طبقات.
(الطبقة الأولى): طبقة المجتهدين في الشرع، كالأئمة الأربعة، ومن سلك مسلكهم في تأسيس قواعد الأصول، واستنباط أحكام الفروع، من الأدلة الأربعة: الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس، على حسب تلك القواعد، من غير تقليد أحد في الفروع والأصول.
(الثانية): طبقة المجتهدين في المذهب، كأبي يوسف، ومحمد، وسائر أصحاب أبي حنيفة رحمهم الله، القادرين على استخراج الأحكام عن الأدلة =

<<  <  ج: ص:  >  >>