أصاب الجواب دخل هو وأصحابه أولا، ثم أخرج خاتما كان في يده، فقال: رجل مضغ خاتمي هذا، حتى هشمه، ما الواجب لي عليه؟ قال: فاختلف عليه أصحاب الحديث، ولم يعجبه قولهم، وقال له رجل من أهل الرأي: عليه قيمته مصوغا من الذهب، يغرمها لصاحب الخاتم، ويأخذ الفضّة المهشومة لنفسه، إلا أن يشاء ربّ الخاتم أن يحتبسه لنفسه، ولا شيء له على هاشمه، فقال أبو يوسف: يدخل أصحاب هذا القول، فدخل أصحاب الرأي، ودخلت معهم، فسأله المستملي، فأملى في أول مجلس حديثا عن الحسن بن صالح، ثم كأنه خطر بقلبه شيء، أو كلّمه رجل بشيء لم أفهمه، فقال ما أخاف على رجل من شيء خوفي عليه من كلامه في الحسن بن صالح، فوقع في قلبي أنه أراد شعبة، فقمت على قدمي، ثم قلت: لله عليّ أن لا أجلس في مجلس يعرض فيه بأبي بسطام، ثم خرجت، فرجعت إلى نفسي، فقلت: هذا قاضي الآفاق ووزير أمير المؤمنين وزميله في حجّه، وما يضرّه غضبي، ولا ينفعه رضائي، فرجعت، فجلست حتى فرغ المجلس، فأقبل عليّ إقبال رجل ماكان له همّ غيري، فقال لي: يا هشام! وإذا هو يعنيني، لأني كنت عنده بـ "بغداد "، والله ما أردت بأبي بسطام سوءا، ولو فى قلبي أكبر منه في قلبك فيما أرى، ولكني لا أعلم أني رأيت رجلا مثل الحسن بن صالح، قال بكّار بن قتيبة: فذكرت هذا لهلال ين يحيى، فقال: أنا والله الذي أجاب أبا يوسف في مسألة الخاتم الذي سأل عنها: ولقد كان قتيبة يعني أبي حاضر المجلس معنا، وشاهدي، أن أبا يوسف يومئذ أملى علينا بابا من مكاتب، فلمّا فرغ منه قمت إليه من بين الناس، فقلت له: ليس هذا قولكم في الصرف، أفنغير ذلك القول، ونثبت هذا، أو نغير هذا، ونثبت ذلك القول؟ فقال أبو يوسف: دعوهما، فسيأتي من يميز بينهما. اهـ.