ففى سنده أحمد بن علي الأبار، وله تعصّب غريب ضدّ أصحابنا، كما يظهر من رواياته عند الخطيب، ورواية المتعصّب مردودة عندهم، على أن يد القاضي في أموال اليتامي يد أمانة، فلا تضمن عند هلاكها من غير تعدّ كذلك أموال اليتامى تأكلها الزكاة في مذهبه، فإذا ضارب بها تكون يده يد ضمان، فيكون ضامنا إذا هلكت، وتكون الزكاة عليه دون اليتيم، فإذا تفضل بالربح عليه يكون إحسانا على إحسان، كما هو عادته، على أن التصرّف في مال اليتيم، وأكله بالمعروف مدركهما مما هو مشروح في شروح البخاري أخذا من الكتاب والسنَّة، والخلاف في ذلك مشهور، فلا لوم على فرض ثبوب ذلك التصرف إلا عند من ضاق أفق اطلاعه بقصر باعه. وعند الموفّق أنه سئل عمَّن حلف ماله صدقة إن لم يفعل كذا، قال: يخرج ماله إلى من يثق به في فعل الشيء، فيردّه صاحبه عليه، فقال قائلا: لعنت اليهود، حرّمت عليهم الشحوم، فباعوها، وأكلوا أثمانها، فقال أبو يوسف: يا لكع! أين هذا من ذاك، إن اليهود أرادوا أن يحتالوا لما حرم الله عليهم، حتى يحلّوا لأنفسهم، وهذا ماله هو له حلال، يريد أن يحتال، حتى لا يحرم عليه. اهـ. ودفع الحرج على منازل، إنما يفقهها الفقهاء.
وقد محَّض هذا البحث تمحيضا شاملا فضيلة الأستاذ المبدع النابغة السيّد محمد أبي زهرة (١) أستاذ الشريعة في كلية الحقوق بـ "القاهرة" في كتابه عن أبي حنيفة، كما هو شأنه فى بحوثه.
(١) وكم لفضيلته من أياد بيض على العلم بمؤلفاته الممتعة، فمنها أبو حنيفة ومالك، والشافعي، وابن حنبل رضي الله عنهم في مجلدات ضخام، كل مجلد منها في ترجمة إمام من هؤلاء الأعلام، وقد درس حياتهم دراسة =