للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومما قلت في تعليقي على "زغل العلم": روى الذهبي في "جزئه" الذي ألّفه في ترجمة محمد بن الحسن بطريق الطحاوي عن أحمد بن أبي عمران عن محمد بن سماعة أنه قال: سمعت محمد بن الحسن، يقول: هذا الكتاب ليس من كتبنا، وإنما ألقي فيها، يريد كتابا في الحيل كان يتداوله من قل ورعهم من الناس في ذلك العهد (١)، ولم يكن اسم المؤلّف مذكورا في الكتاب، فظنّوا أنه من كتب أصحاب أبي حنيفة، وليس كذلك. وقال شمس الأئمة السرخسي في "المبسوط" (٣٠ - ٢٠٩): كان أبو سليمان الجوزجاني ينكر ذلك، ويقول: من قال: إن محمد رحمه الله صنّف كتابا سماه "الحيل"، فلا تصدقه، وما في أيدي الناس فإنما جمعه، وراقوا "بغداد"، وقال: إن الجهّال ينسبون علماءنا رحمهم الله إلى ذلك على سبيل التغيير، فكيف يظنّ بمحمد رحمه الله أنه سمى شيئا من تصاينفه بهذا الاسم، ليكون ذلك عونا للجهّال على ما يتقوّلون. وأما أبو حفص رحمه الله، فكان يقول: هو من تصنيف محمد رحمه الله، وكان يروي ذلك عنه، وهو الأصحّ، وأطال السرخسي الكلام في التدليل على جواز التخليص من المآزق من الكتاب والسنَّة، -والحيلة ليست بمعنى المكر عندهم،


= فاحصة عن كل صغير كبير من أحوالهم، وأودع ما استخلصه من بحوثه الشاملة عن كل منهم في تلك الكتب الخالدة، بحيث يشفي غلة الباحثين عن أحوال هؤلاء الأئمة المهديين، وما هذا إلا فتح جديد واتجاه سديد، يحمل النشء الحديث على الاهتمام بالتراث المتوارث عن أئمة الإسلام، فاستحق مؤلفها البارع المفضال بذلك كلّ ثناء وإجلال، فجزاه الله عن العلم خيرا، ولا أراه ضرا ولا ضيرا، وزاده توفيقا وتسديدا (ز).
(١) ثم ركبوا لنسبة الكتاب إلى أبي حنيفة سندا من الكذّابين والمجاهيل في زمن متأخر، راجع التأنيب (١٢١، ١٢٢) (ز).

<<  <  ج: ص:  >  >>