للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بل بمعنى التدبير اللطيف المخلص من مصادمة النصّ والمخرج من الحرج-، فالجوزجاني، وأبو حفص الكبير البخاري ركنان عظيمان في رواية كتب محمد بن الحسن، والذي أرى أن نفي ذلك وإثبات هذا غير متواردين على كتاب واحد، فالمنفي هو كتاب مزور، فيه مسائل تنافي حكمة التشريع، فأصحابنا براء منه، والمثبت هو ما تلقّاه أبو حفص الكبير من محمد بن الحسن من مسائل في المخارج، تخلص من المآزق بدون إبطال حق ولا إحقاق باطل، ومن غير إخلال بحكمة التشريع، فالجوزجاني صادق في نفي نسبة الكتاب المزور إلى محمد، وأبو حفص صادق في إثبات المسائل الحكمية المخلصة من المآزق على الوجه المشروع، وأبو حفص الكبير أحمد بن حفص بن زبرقان العجلي البخاري من لدات الإمام الشافعي رضي الله عنه، رحل من "بخارى" إلى "العراق" قديما، فسمع من محمد ما لم يسمعه الجوزجاني، وسمع الجوزجاني من محمد ما لم يسمعه أبو حفص -مثل كتاب "السير الكبير"- لتقدّم عوده إلى "بخارى" على إخراج هذا الكتاب للناس، فيكون النفي والإثبات غير متواردين على كتاب واحد، ويظهر بن المسائل التي يرويها شمس الأئمة عن أبي حفص أنه ليس فيها ما يجافي الحكمة والسداد، وأبو حفص هذا إمام عظيم، رحل قديما إلى "العراق"، كما سَبَقَ، وحمل علما جما إلى "بخارى"، ونشر العلم بها، حتى أصبحت "بخارى" بيمن مسعاه قبة الإسلام في العلوم، حيث سمعوا منه "جامع الثوري" ومصنّفات ابن المبارك، ووكيع، وتفقّهوا عليه، حتى أصبحت كلّ قرية من قرى "بخارى" فيها جماعة من الفقهاء من أصحابة، وذكر السمعاني في باب الخيزاخزي أنها نسبة إلى "خيزاخز"-قرية بـ "بخاري"- فيها جماعة من الفقهاء من أصحاب أبي حفص الكبير، وهو من أوائل شيوخ البخاري صاحب "الصحيح" في مبدأ أمره قبل رحلاته، ففي "تاريخ الخطيب" في (٢ -

<<  <  ج: ص:  >  >>