الأرض خطا مدوَّرا، وقرأ شيئا، فسقطت تلك الطيور، فعند ذلك زاد اعتقاد جغتاي، حتى أنه كان يجلس بين يدي السكاكي مؤدّبا، ولما علت برتبته عند السلطان اشتعل نار الحسد والعدوان في قلوب الأقران، لا سيما في قلب حبش عميد وزير السلطان، فأراد استئصال السكاكي، واطلع عليه السكاكي، فقال لجغتاي: إني أرى أنه قد هبط كوكب سعادة حبش عميد، وأخاف أن يصل شيء من شقاوته إليك فعزل جغتاي بمجرد استماع على الكلام حبش عميد من الوزارة، فوقع الخلل في أمور الرياسة، وبعد سنة قال جغتاي للسكَّاكي: لعلّ كوكب سعد عميد صار الآن طالعا، فإن النحوسة لا تدوم، فقال السكاكي: نعم، فخلع عليه منصب الوزارة، وقصد هو تذليل السكاكي، وبسط لسان السعاية فيه، فسخر السكاكي المريخ، وأظهر نارا في عسكر جغتاي، فوجد حيش عميد موقع السعاية، وقال لجغتاي: لما كان السكاكي قادرا على إيجاد مثل هذه الأمور فلا عجب منه لو انتزع سلطانتك، فتخيل هذا في خيال جغتاي، وحبس السكاكي، ولم يزل في الحبس ثلاث سنين إلى أن مات. كذا في "حبيب السير في أخبار أفراد البشر" لغياث الدين الهروي المتوفى سنة ٩٤٢ هـ، المدفون بدار الخلافة "دهلي"، وفي "البغية" للسيوطي رأيت ترجمته بخط الشيخ سراج الدين البلقيني، فقال: يوسف بن أبي بكر محمد بن علي أبو يعقوب السكّاكي سراج الدين الخوارزمي، إمام في النحو والتصريف والبيان والمعاني والعروض والشعر، وله النصيب الوافر في الكلام، وسائر الفنون من رأي مصنفه علم تبحره ونبله وفضله، مات بـ "خوارزم" سنة ست وعشرين وستمائة. انتهى.