وَكتب بِأَمْر السُّلْطَان مُحَمَّد خَان حَوَاشِي على "شرح الجغميني" لقَاضِي زَاده الرُّومِى، ثمَّ جعل السُّلْطَان مُحَمَّد خَان الْمولى الْمَذْكُور وزيرا، وتقرب عِنْده غَايَة التَّقَرُّب، فَطلب السُّلْطَان مُحَمَّد خَان يَوْمًا رجلا من الْعلمَاء يكون أمينا على خَزَنَة كتبه، فَذكر عِنْده الْمولى لطفى، فَجعله أمينا على تِلْكَ الخزانة، ووقف هُوَ بواسطته على لطائف الْكتب وغرائب الْعُلُوم، مَعَ أنه وَقع بَينه وَبَين السُّلْطَان مُحَمَّد خَان أمْر كَانَ سَببا لعزله وحبسه.
لما سَمعه عُلَمَاء الْبَلدة اجْتَمعُوا فِي الدِّيوَان العالي، وَقَالُوا: لَا بُد من إطلاقه من الْحَبْس إلا نحرق كتبنَا فِي الدِّيوَان العالي، ونترك مملكتك، فَأخْرجهُ، وَسلمهُ إليهم، وَلما سكنوا أعطاه قَضَاء سفر يحصار مَعَ مدرسته، وَأخرجه فِي ذَلِك الْيَوْم من "قسطنطينية"، فَخرج.
وَلما وصل إلى "أزنيق" أرسل خَلفه طَبِيبا، ووقال عالجه، لقد اختلّ عقله، فَأعْطَاهُ الطَّبِيب الْمَذْكُور شربة، وَضرب كل يَوْم خمسين عَصا، فَلَمَّا سَمعه الْمولى ابْن حسام الدّين أرسل كتابا إلى السُّلْطَان مُحَمَّد خَان، وَقَالَ لَهُ: إما أن ترفع هَذَا الظُّلم، وإما أن أخْرُج من مملكتك، فَرفع عَنهُ الظُّلم الْمَذْكُور.
وَذهب هُوَ إلى سفر يحصار، وَأقَام هُنَاكَ بِمَا لَا يمُكن شَرحه من الكآبة والحزن، وَمَات السُّلْطَان مُحَمَّد خَان، وَهُوَ فِيهَا.
وَلما جلس السُّلْطَان بايزيد خَان على سَرِير السلطنة أعطَاهُ مدرسته دَار الحَدِيث بـ "أدرنه"، وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم، وَكتب هُنَاكَ حَوَاشِي على مبَاحث الْجَوَاهِر من "شرح المواقف"، وَأورد أسئلة كَثِيرَة على السَّيِّد الشريف، حَتَّى أنه يُورد سؤالين أوْ ثَلَاثَة فِي سطر وَاحِد، فنصحه بعض أصحابه.