ما رأيت عالما أشدّ قلقا من الشيخ الأنور، كأنه أصيب فؤادة، والدم ينزف منه، وقد كتب عدّة كتب نفيسة قيّمة ردا لهذه الفتنة، كما قد وجَّه كثيرا من أصحاب التأليف للردّ على هذه الفئة الضالّة، فيكتب عنه شيخنا العلام رحمه الله في علقه النفيس "نفحة العنبر في حياة إمام العصر الشيخ أنور" ما لفظه:
فانتهض الشيخ رحمه الله لدفع مزخرفاتهم وصلم عروقهم، وكانت لطيفة إلهية، وأخذتْه الحمية الدينية، وأغرته الغيرة الإسلامية، فسرى البغض مع هذه الفئة الملعونة والثلة الطاغية في الله، ولله في سويداء قلبه، وقد شاهدنا مثالا حيّا ناطقا للحبّ في الله، والبغض في الله، فشمَّر عن ساعد الهمة وساق الجدّ لمكافحة هؤلاء المردة، فحذر، وبلغ، وأرشد الأمة إلى الحق الصراح، ونبأهم على ذلك الكفر البواح، وصنّف في هذا الباب رسائل عديدة وجيزة وبسيطة، أيقظ فيها العلماء والفضلاء عن رقدات الغفلة، وحضَّهم لمقاومة هذه الفتنة بكل ما أمكن تبليغا وتصنيفا، وأعان أصحابه وتلامذته بذخائر العلم للتصنيف والتأليف وإشاعته للناس، تحذيرا لهم عن مكائد هؤلاء المارقين، حتى بلغ نداؤه بأرجاء "الهند" القصوى، ونبه قاطنيه من ساحل البحر المحيط إلى شواهق "كشمير" إلى بلاد الأفغان، بل جميع ما ارتج اليوم في العالم الإسلامي من "العراق"، و"الشام"، و"مصر"، و"الحجاز" من التشنيع على هذه الفئة كل ذلك ببركة مساعيه الجميلة، التي ألزمت على رؤساء الملة وهداة الأمة أن يقدروها، ويمكنوها في حنايا الصدور وحبات القلوب، وهذا الذى ترى اليوم في أرجاء "الهند" من تأسيس لجنات، وانعقاد اجتماعات حافلة وإجراء الجرائد والمجلات لحسم عروق هذه الفتنة المتأصلة، لا سيّما مساعي جمعية الأحرار، ورئيس شعبة تبليغها المجاهد الباسل غشمشم الأمة خطيب القوم مولانا عطاء الله شاه البخاري رحمه الله، كل ذلك من مآثره السنية الباقية على صحفات الدهر وسنته الحسنة