السائرة بين المسلمين، فأباد الله بسعيه الحثيث وجهده المثمر خضراءهم، حتى حصحص الحق، وزال الرين، وانكشف الغي، وبين الصبح لذي عينين من العالم والأمي والخاصي والعامي، وأصبح كفر هؤلاء المارقين من الدين أبين من فرق الصديع، بحيث لم يبق مجال للمرتاب ولا مساغ للمتأول، إذ قد عم نداءه البلاد، وانتبه الرقاد، فخدم الملة وذبّ عن حريم العقيدة الإسلامية، ودافع عن حوزتها، وهكذا سنة الله خلت في عباده على ممرّ الدهور وتعاقب الأدوار، يضرب الحق على الباطل أينما سار ودار (١).
وقد ورث الشيخ البنوري كلّ ذلك عن شيخه إمام العصر الكشمري، رحمهما الله تعالى، فكان من بدء أمره يقلق لهذا الفتنة، ويكافح عن الإسلام، ويحدثنا الشيخ العلامة محمد لطف الله البشاوري عن مكافحته في "بشاور"، فيقول: نبئنا أن الفئة المرزائية تسعى للصيطرة على قلوب المسلمين بـ"بشاور"، وغلام حسين القادياني كان يفسّر القرآن للطلبة والمحامين، وبذلك كان يسعى سعيا حثيثا إلى الإمام، وكان القاديانيون يحتفلون حفلة كل سنة باسم يوم النبي، ويدعو فيها كبار أرباب الحكومة، فرأينا أنهم أعلنوا للحفلة في "إسلاميه كلب"، كنت آنذاك مدرّسا في المدرسة الثانوية، فتشاورت مع الشيخ البنوري وسوينا له برنامجا، وأخبرنا الطلبة عن نوايا هذه الفئة الضالة، ولما حان الموعد ذهبنا إلى مكان الحفلة مع مسلمي "بشاور"، ولما أراد القاديانيون ابتداء الحفلة أعلنا أن أهل الملة الإسلامية يحتفلون اليوم. في هذا المكان، فبدأ الجدال بيننا وبين القاديانيين، ولكن الله أعاننا، وفرّوا مدبرين، فقام الشيخ البنوري،