تجنَّبْتَ أن تُدْعَى الأمِير تواضُعًا … وأنت لمِن يُدْعى الأميرَ أميرُ
فمَا مِن نَدى إلا إليكَ مَحَلَّهُ … ولا رِفْعة إلا إليكَ تَسيرُ
وقال أيضًا، من قصيدة في مدحه:
أيَسْلُبُنى ثَراء المالِ رَبِّي … وأطلُبُ ذَاكَ مِن كَفٍّ جَمَادِ
زعمتُ إذًا بَأنَّ الجُودَ أضْحى … لهُ رَبٌ سوَى ابن أبي دُوَادِ
ومن كلام أحمد الذي ينبغي أن يكتب بماء الذهب: ثلاثةٌ ينبغى أن ييجّلوا، وتعرف أقدارهم: العلماء، والولاة، والإخوان؛ فمن استخفّ بالعلماء أهلك دينه، ومن استخفّ بالولاة أهلك دنياه، ومن استخفّ بالإخوان أهلك مروءته.
وحكى عنه ولده، أنه كان إذا صلى رفع يديه، وقال:
مَا أنت بالسبب الضعيف وإنما … نُجْحُ الأمور بقُوةِ الأسْبابِ
اليوم حاجتنا إليك وإنما … يُدعى اللبيب لساعةِ الأوصاب
قال أبو بكر بن دريد: كان ابن أبي دواد مألفًا لأهل الأدب، من أيّ بلد كانوا، وكان قد ضمّ منهم جماعة يعولهم ويمونهم، فلمّا مات حضر ببابه جماعة منهم، وقالوا: يدفن من كان على ساقة الكرم، وتاريخ الأدب، ولا نتكلّم، إن هذا وهن وتقصير.
فلما طلع سريره قام إليه ثلاثة منهم، فقال أحدهم:
اليَومَ مات نظامُ المِلْكِ وَاللَّسَنِ … ومات مَن كان يُستعدَى على الزَّمَنِ
وأظلمَت سُبُلُ الآدابِ إذ حُجِبَتْ … شَمْسُ المِكارم في غَيْمٍ مَن الكَفَنِ
وتقدم الثاني، فقال:
ترك المِنابر والسريرَ تواضُعًا … ولهُ مَنابرُ لو يَشا وسَريرُ
ولغَيْرِه يُجْبى الخَراجُ وإنمَا … يُجْبى إليه مَحامِدٌ وأجُورُ