لَا زالَ فَالِجُكَ الذي بكَ دَائِمًا … وفُجِعْتَ قبلَ الموتِ بالأوْلادِ
وأبَا الوَليدِ رَأيْتَ في أكْتافِهِ … سَوْطَ الخليفةِ مِن يدَىْ جَلَّادِ
وَرَأيْتَ رَأسَك في الخُشوبِ مُعَلَّقًا … فوقَ الرُّءوُسِ مُعَلِّما بسَوَادٍ
قال الخطيب: وأبو الوليد هذا، هو ابن أحمد بن أبي دُواد، واتفق أنه مات هو وأبوه منكوبين، وكان بين وفاتيهما نحو شهر، هو في ذي الحِجّة، سنة تسع وثلاثين ومائتين، وأبوه في المحرّم، سنة أربعين ومائتين، يوم السبت، لتسع بقين منه.
ومن شعر أحمد، وقد بلغه أن شخصًا هجا ابن الزيّات الوزير بسبعين بيتًا، وقيل: إن ابن الزيات هو الذي قال السبعين بيتًا في هجو أحمد، فقال:
أحْسَنُ من سَبْعين بَيْتًا هِجًا … جَمْعُك مَعْناهُنَ في بَيْتِ
مَا أحْوَجَ المِلْكَ إلى مَطْرَةٍ … تغْسلُ عَنْهُ وَضَرَ الزَّيْتِ
فبلغ ابن الزيّات ذلك، فقال:
يَا ذا الذى يَطْمَعُ في هَجْونا … عَرَّضْتَ بي نفسَك للموْتِ
الزيتُ لا يُزْري بأحْسابنَا … أحْسَابُنا مَعْرُوفَةُ البَيْتِ
قَيَّرْتُمُ المِلْكَ فلمْ يُنقِهِ … حتى غسَلنا القارَ بالزَّيتِ
وفي هذا إشارة إلى ما يقال: من أنه كان في أجداد أحمد. من يبيع القار.
ومن مختار شعر أبي تمام في مدحه قوله:
أأحْمَدُ إنَّ الحاسِدينَ كثيرُ … ومَالَك إن عُدَّ الكِرامُ نَظِيرُ
حَلَلْتَ مَحلًا فاضلًا مُتقادِمًا … مِنَ الفخرِ والمجدُ القديمُ فَخورُ
وكُلُّ غنِيٍّ أوْ فقير فإنِّهُ … إليكَ وإن نَالَ السَّماء فَقِيرُ
إليكَ تَناهى المِجْدُ مِن كُلِّ وِجْهَةٍ … يَصيرُ فما يَعْدُوكَ حيثُ تَصيرُ
وبَدْرُ إيادٍ أنتَ لا يُنْكرونه … كذاك إيادٌ للأنام بُدُورُ